اضطراب ثنائي القطب BIPOLAR DISORDER

اضطراب ثنائي القطب

Advertisements

ما هو اضطراب ثنائي القطب؟

اضطراب ثنائي القطب: هو أحد اضطرابات المزاج، وتقدر نسبة المصابين به بنحو 2.8% من البالغين بالولايات المتحدة الأمريكية، وذلك طبقا لإحصاءات المعهد الوطني للصحة النفسية (NIMH)، وله مسميات عديدة منها: بايبولار، واضطراب الهوس الاكتئابي (Manic Depressive Disorder)، والأخير مسمى قديم.

ويمكن تبسيط مفهوم المزاج (Mood) على أنه: مشاعر الشخص الداخلية الإيجابية والسلبية، مثل: الحزن، والفرح، والتوتر، والقلق، وغيرها، والتي يمكن التأثير عليها بالمؤثرات الداخلية والخارجية، والتي بدورها تؤثر على أفكار الشخص وقراراته وتفاعله مع نفسه ومع من حوله.

لا يعد المرور بالتقلبات المزاجية مرضا أو اضطرابا، إلا إذا دامت تلك التقلبات المزاجية لمدة كبيرة وسببت تأثيرا ملحوظا في سلوك المصاب، وقدرته الوظيفية، وحياته الاجتماعية.

يُسبب اضطراب ثنائي القطب تغيرات شديدة وملحوظة في مزاج المصاب، ومستوى طاقته، وقدرته على التركيز، وحُكمِه على الأمور، ويتأرجح فيه المصاب (أي: في صورته الكلاسيكية) بين أقصى قطبي المزاج: الهوس (Mania)، والاكتئاب، أما الهوس فتصحبه مشاعر السمو، والعظمة، وفرط الطاقة، وكثرة التحدث والمزاح وتجاوز المساحات الشخصية، والاندفاع بالتورط في مشاريع أو علاقات عالية المخاطر دون تفكير بالعواقب، وأما الاكتئاب فتصحبه مشاعر الدونية، والإحباط، والتعاسة، والحزن، وفقدان الاهتمام بالحياة، وعدم الرغبة في تأدية الأنشطة اليومية، ومن هنا كانت التسمية.

وتبدأ أعراض البايبولار بصورة كافية للتشخيص غالبا في العشرينات من العمر، ويصيب الرجال والنساء بشكل متساو، كما يأخذ الاضطراب مسارا ملازما للمصاب كما هو الحال في الأمراض المزمنة.

ما الفرق بين نوبات المزاج واضطرابات المزاج؟

قبل الشروع بتعديد أنواع الاضطراب، ينبغي التفريق بين: اضطراب المزاج (Mood Disorder) ونوبة المزاج (Mood Episode)..

النوبة المزاجية (Mood Episode): هي فترة من الزمن يختبر فيها المصاب تغيرات مزاجية غير طبيعية، مثل: نوبة الهوس (Manic episode)، أو نوبة الاكتئاب (Depressive episode)، أو نوبة الهوس الخفيف (Hypomanic episode)، وسيأتي تفصيل ذلك..

أما اضطرابات المزاج (Mood Disorder): فهي نمط مكون من النوبات المزاجية السابق ذكرها، مثل: الاضطراب الاكتئابي الكبير (Major Depressive Disorder)، اضطراب ثنائي القطب (Bipolar Disorder)، اضطراب الاكتئاب المستمر أو المزمن (Persistent Depressive Disorder)، اضطراب المزاج الدوري (Cyclothymia)، وغيرها..

أنواع النوبات المزاجية

نوبة الاكتئاب العظمى/ الكُبرى (Depressive episode):

يتم تشخيصها عند ظهور 5 من الأعراض التالية (مع وجود رقم 1 أو 2 من بينها)، لمدة أسبوعين على الأقل:

  1. مزاج اكتئابي معظم الوقت.
  2. فقد الاهتمام بالأنشطة الممتعة أو انعدام اللذة (Anhedonia).
  3. تغير الشهية الطبيعية للطعام سواء بالنقص أو بالزيادة وتغير الوزن.
  4. الشعور بالذنب وانعدام القيمة.
  5. تغير معدل النوم بالزيادة أو النقص.
  6. نقص التركيز.
  7. تغيرات حركية نفسية (Psychomotor changes) سواءا بالهياج أو التوتر أو الخمول.
  8. الإرهاق العام والشعور بالضعف وفقد الطاقة.
  9. كثرة التفكير في الموت والانتحار.

ينبغي أن تكون الأعراض قوية بدرجة كافية لتسبب خللا في الحياة اليومية الاجتماعية والوظيفية، وألا تكون الأعراض ناتجة عن تعاطي مواد أو أدوية أو حالة طبية أخرى.

قد تكون نوبة الاكتئاب الكُبرى جزءا من اضطراب ثنائي القطب أو اضطراب الاكتئاب.

نوبة الهوس (Manic episode):

هي فترة زمنية محددة من المزاج التوتري المرتفع والغير طبيعي، يصحبها زيادة في الطاقة والحركة والأنشطة الموجهة (Goal directed Activities)، لمدة لا تقل عن أسبوع، أو لدرجة مؤثرة يحتاج المصاب معها للحجز بالمستشفى، بالإضافة إلى ثلاثة على الأقل من الأعراض التالية:

  1. سهولة التشتت.
  2. التقدير الزائد للنفس والشعور بالعظمة (Grandiosity).
  3. زيادة الأنشطة الموجهة، مثل: الأنشطة الجنسية (الزواج المتكرر في فترة قصيرة مثلا)، والاجتماعية، والعملية (مشاريع عالية المخاطر غير مدروسة العواقب مثلا)، مع زيادة الأنشطة الحركية النفسية.
  4. قلة النوم، والشعور بعدم الحاجة إليه.
  5. سيل من الأفكار والأراء المتسارعة والمتداخلة أو التشويش الذهني (Racing thoughts).
  6. التحدث الكثير المتصل والمندفع/ الحديث المتزاحم (pressured speech).
  7. التورط في مشاريع وأنشطة ممتعة وطموحة وعالية المخاطر دون تفكير كافي أو إدراك للمخاطر، مثل: المشاريع الاقتصادية الكبرى غير المضمونة، أو الزواج المتسرع.

يلزم للتشخيص أن تكون الأعراض قوية بدرجة كافية لتتسبب في خلل وظيفي واجتماعي للمصاب، وألا تكون نتيجة تعاطي الأدوية أو المواد المخدرة.

نصف المصابين (50%) تظهر عليهم أعراض ذُهانية (Psychotic features).

نوبة الهوس من حالات الطواريء في الطب النفسي، فمع اعتلال حكم المريض على أفعاله، يمكن أن يتسبب بالخطر لنفسه ولمن حوله. يكفي المرور بنوبة هوس واحدة لتشخيص اضطراب ثنائي القطب من النوع الأول.

نوبة الهوس الخفيف (Hypomanic episode):

هي فترة زمنية محددة يظهر فيها على المصاب أعراض مشابهة لأعراض نوبة الهوس الكاملة السابق ذكرها، لكن بصورة مخففة بحيث لا تظهر فيها أعراض ذهانية، ولا يحتاج المريض بسببها إلى الحجز بالمستشفى، كما أنها لا تسبب خللا واضحا في الحياة الاجتماعية والوظيفية، و لا تدوم أكثر من أربعة أيام.

نوبة الأعراض المختلطة (Mixed episode):

يختبر فيها المصاب عدة أعراض من الهوس أو الهوس المخفف مع 3 على الأقل من أعراض الاكتئاب السابق ذكرها، لمدة أسبوع أو أكثر.

أنواع اضطراب ثنائي القطب

الاضطراب ثنائي القطب من النوع الأول (Bipolar I):

لا بد للمصاب أن يمر بنوبة هوس واحدة كاملة كي يتم تشخيصه بالنوع الأول، حتى وإن كانت تلك النوبة محفزة بواسطة مضادلت الاكتئاب أو الصدمات الكهربائية، بشرط أن تستمرر الأعراض بعد وقف هذه العلاجات.

الاضطراب ثنائي القطب من النوع الثاني (Bipolar II):

يتم تشخيص المصاب بالنوع الثاني إذا اختبر نوبة هوس خفيفة حالية أو سابقة، إضافةً لنوبة اكتئاب حالية أو سابقة. وتظهر الأعراض في هذا النوع بصورة أقل حدة من النوع الأول.

اضطراب المزاج الدوري (Cyclothymic Disorder):

تم تصنيف اضطراب المزاج الدوري سابقا ضمن اضطرابات الشخصية، كونه يبدأ في سن مبكر ويتسم بقدر من الثبات والاستقرار في فترة الشباب بخلاف النوعين السابقين، والآن يصنف ضمن اضطرابات المزاج. ويختبر فيه المصاب نوبات متغيرة من الأمزجة المختلفة، مثل: الاكتئاب الخفيف أو ارتفاع المزاج المفاجئ لكن دون الصورة الكافية اللازمة لتشخيص اضطراب ثنائي القطب، والتغيرات المزاجية في اضطراب المزاج الدوري غير مرتبطة بالمؤثرات الحياتية الخارجية.

يشترط لتشخيص اضطراب المزاج الدوري ويعرف أيضًا باسم اضطراب دوروية المزاج استمرار الأعراض لمدة سنتين على الأقل وأن لا تزيد مدة النوبة الواحدة عن شهرين متتاليين، وأن لا تكون النوبة من النوع المختلط، وعليه فإن تشحيص اضطراب المزاج الدوري يمثل تحدي.

اضطراب ثنائي القطب الدوري السريع وفائق السرعة (Rapid Cycling Bipolar and Ultra rapid Cycling):

لا يعتبر هذا النوع نوعًا مستقلًا وإنما مسار لثنائي القطب، يختبر فيه المريض أربع نوبات منفصلة من التقلبات المزاجية: [هوس، هوس خفيف، اكتئاب] في عام واحد. وفي حالة الاضطراب فائق السرعة يمر المريض بأربع نوبات خلال شهر واحد، وهو مسار نادر للاضطراب.

وتزداد احتمالية هذا المسار في النساء، وقد يحصل في مراحل متأخرة من الاضطراب نتيجة اقتراب الفترات بين النوبات مع إهمال العلاج، أو تقدم الزمن.

بعض الأنواع أخرى:

  • اضطراب ثنائي القطب الناتج عن تعاطي الأدوية (Drug Induced).
  • اضطراب ثنائي القطب بسبب حالة طبية أخرى.

تنبيه: من الجدير بالملاحظة أن النوع الثاني (Bipolar II) ليس نوعا مخففا من النوع الأول (Bipolar I)، وإنما تشخيصا منفصلا، وبالرغم من أن مصاب النوع الأول يحمل مخاطر نوبة الهوس وتبعاتها، إلا أن مصاب النوع الثاني يمر بفترات أطول من الاكتئاب وهو ما يتسبب في تعطيل واضح في حياة المصاب على كلا المستويين الوظيفي والاجتماعي.

تتوالى نوبات الأعراض في الاضطراب وتتخللها فترات من المزاج الطبيعي (التعافي/ الهَدْأَة)، وتختلف مدة النوبة والفترات الفاصلة بين النوبات من مريض لأخر، فربما تندر النوبات عند بعض المرضى لعدة نوبات طوال فترة الحياة، وقد يزداد معدلها عند البعض الأخر لعدة نوبات في السنة الواحدة.

الأسباب وعوامل التحفيز

لا يوجد سبب واضح ومباشر لاضطراب ثنائي القطب، ومع هذا حاولت العديد من النظريات والأبحاث الاقتراب من مسبباته وعوامل المساهمة في ظهوره، ومن أهم هذه النظريات ما يلي..

العامل الوراثي:

اضطراب ثنائي القطب أكثر الاضطرابات النفسية ارتباطا بالوراثة، حيث وجِد أن نحو 90% من المصابين لديهم تاريخ وراثي للاضطراب، كما أظهرت دراسات التوائم توافق الإصابة في التوأم المتماثل بنسبة تصل إلى 70% وذلك مقارنةً بالتوأم غير المتماثل والتي تصل نسبة الإصابة بهم إلى 20%.

أما أقارب المصابين من الدرجة الأولى فإن قابلية إصابتهم تقدر بعشر أضعاف أكثر من بقية أفراد المجتمع، كما أن نصف أبناء المصابين قد يصابون بمرض نفسي أخر (ثنائي القطب أو غيره).

كذلك تظهر بعض الأبحاث وجود ارتباط بين الإصابة بثنائي القطب وبعض الجينات المتعلقة ببوابات الكالسيوم في غشاء الخلية العصبية وأخرى متعلقة ببعض العمليات الحيوية والكيميائية التي ينظمها عنصر الليثيوم.

أسباب تتعلق بالهرمونات والنواقل العصبية:

بعض الأبحاث تشير لوجود خلل في تنظيم بعض النواقل العصبية والتي قد تكون سببا في تحفيز الإصابة، مثل: الأدرينالين، والنور أدرينالين، والدوبامين وغيرها.. أو وجود خلل هرموني مثل: زيادة هرمونات الغدة الدرقية (سواء فرط النشاط أو قصوره)، أو زيادة إفراز الكورتيزون كما في متلازمة كوشينج ( Cushing syndrome).

أسباب عضوية:

مثل وجود إصابة بالجانب الأيمن من الدماغ نتيجة صدمة أو خلل بآلية موت الخلية المبرمج أو ما يعرف بالاستموات (Apoptosis)، أو وجود أورام أو إصابة بالأوعية الدموية بالدماغ وخاصة الفص الجبهي والجانبي مثل أمهات الدم الشريانية (Aneurysms).

الأدوية والمواد المخدرة:

تساهم بعض المواد المخدرة في ظهور أعراض ثنائي القطب، مثل: الكوكايين، الأمفيتامين، الحشيش، نظائر الدوبامين، والكورتيزون وغيرها..

النظريات النفسية:

يرى العديد من الخبراء أن كثير من أعراض الهوس هي آليات دفاعية تجاه أعراض الاكتئاب والإحباطات لدى مريض ثنائي القطب، ومما يُحفز الإصابة نقص المرونة العصبية عند المريض في التعامل مع المواقف المختلفة، وكذلك وجود خلل في الآليات المنظمة لسرعة التفاعل النفسي الحركي والانتباه وتثبيط رد الفعل الاندفاعي عند التعرض لموقف غير مناسب.

كيف يتم تشخيص اضطراب ثنائي القطب؟

يُمثل التشخيص الصحيح لاضطراب ثنائي القطب تحديا هاما للمختصين، لأن التشخيص هو الخطوة الممهدة لبدأ رحلة العلاج والعمل على تحسين حياة المصاب.

التعرف على نوبات الهوس من الأمور السهلة، إلا أن المعضلة تتمثل في أن نوبات الهوس ليست أكثر أجزاء الاضطراب تكرارا، حيث تخبرنا الدراسات أن نوبات الهوس تمثل أقل من 1% من حياة المُصاب، فيما ينقسم الباقي بين: المزاج الطبيعي (Euthymic mood) بنسبة تصل إلى 50%، والهوس الخفيف بنسبة تقدر بـ 10%، والاكتئاب بنسبة تصل إلى 35% والأوقات الانتقالية بين المراحل تمثل بـ 5%، ومن هنا تأتي أهمية التشخيص الدقيق.

التشخيص عن طريق الصورة الإكلينيكية

الاضطراب الوجداني ثنائي القطب بأنواعه المختلفة هو نمط محدد من نوبات تأتي على فترات، ولذا عند تقييم المريض في محاولة لتشخيصه يتم مراعاة خصائص النوبة الحالية مع التقييم الشامل للمريض وأخذ تاريخ مرضي وتاريخ عائلي دقيق؛ لتحديد ما إذا كانت النوبة الحالية اضطرابا مستقلا أم جزءا من اضطراب أخر. سبق أن ذكرت لك خصائص النوبات وأنواعها وكذا الأنواع الفرعية للاضطراب في فقرة الأنواع.

تقييم الحالة العقلية (MSE)/ علامات نوبة الهوس:

من خلال العناصر التالية يمكن فحص علامات نوبة الهوس:

  • المظهر والسلوك: من ذلك، ارتداء الملابس المبهرجة والاستخدام الفج لأدوات الزينة، والمبالغة في التفاعل الاجتماعي، وتجاوز المساحات الشخصية مع كثرة المزاح والمُغازلة، وزيادة النشاط الحركي والجنسي.
  • الكلام والأفكار: من ذلك، كثرة الكلام مع التشعب والبعد عن محور الحديث، وجود سيل من الأفكار المتسارعة مع صعوبة التركيز وسهولة التشتت، وتنامي الشعور بالذات والإحساس بالعظمة.
  • التفاعل/ المزاج والاهتمام: من ذلك، ارتفاع المزاج والتوتر الدائم، وزيادة الأنشطة الحياتية الموجهة والتي غالبا ما تكون ممتعة وعالية المخاطر وسيئة العواقب.
  • الوهم والحقيقة: من ذلك، ضلالات تتعلق: بالعظمة، مثل كون المصاب نبي أو إله أو المهدي أو المسيح، أو ضلالات تتعلق بالمرجعية أو المحورية، مثل كون المصاب محور حديث برامج التلفاز والصفاحة والرأي العام، أو ضلالات تتعلق بالأمان وكأن المصاب مراقب من قبل المخابرات نظرًا لأهميته، مع بعض الهلاوس السمعية، مثل أصوات تخبر المصاب بأشياء أو قدرات خارقة يمتلكها.

مؤشرات ثنائي القطب في نوبة الاكتئاب:

تخبرنا الإحصاءات أن واحدا من كل عشر مصابين تظهر عليهم أعراض نوبة اكتئاب قد يعانون من أعراض نوبات هوس مستقبلا. وإذا ما تم معالجة نوبة الاكتئاب بمضادات الاكتئاب كعلاج وحيد مع عدم الأخذ بالاعتبار احتمالية كون نوبة الاكتئاب جزء من اضطراب ثنائي القطب= قد يتم تحفيز الدخول في نوبة هوس.

وعلى ما سبق فإننا نذكر تاليًا بعض الخصائص التي تنذر باحتمالية كون نوبة الاكتئاب جزءا من ثنائي القطب:

  • إذا وجد من ضمن أعراض الاكتئاب: الانفعال الزائد، السلوك العدائي، التوتر الدائم، الاندفاعية وفقد المكابح في العلاقات الاجتماعية (Disinhibition)، الأعراض الذُهانية، الميول الانتحارية.
  • إذا ظهرت أعراض الاكتئاب بدون محفز أو سبب قوي.
  • إن كانت طبيعة شخصية المصاب من النوع الانبساطي أو المنفتح (Extrovert) أو الهش (Labile).
  • إذا كان الاكتئاب موسمي، أي: في أوقات معينة من السنة بنمط محدد.
  • اكتئاب ما بعد الولادة ينذر باحتمالية كون نوبة الاكتئاب جزءا من ثنائي القطب.
  • بدء ظهور الأعراض في سن مبكر (أقل من 18 عام) ولفترات قصيرة يُنذر باحتمالية كون نوبة الاكتئاب جزءا من ثنائي القطب.
  • الاكتئاب غير النمطي (Atypical depression) يُنذر باحتمالية كون نوبة الاكتئاب جزءا من ثنائي القطب، ومن خصائص الاكتئاب غير النمطي: الأكل الزائد والنوم الزائد، وشلل الأطراف النفسي (Leaden paralysis)، وفرط الحساسية تجاه الرفض في العلاقات الشخصية.
  • وجود تاريخ عائلي لاضطراب ثنائي القطب أو محاولات الانتحار.

بعض الفحوصات الطبية الهامة لتشخيص ثنائي القطب

يلزم إجراي بعض الفحوصات لتشخيص الأسباب العضوية، وبعضها هام جدا قبل بدأ العلاج لتفادي آثاره الجانبية، مثل:

  • اختبار وظائف الكبد والكلى والغدة الدرقية.
  • صورة دم كاملة وقياس مستوى السكر في الدم وحساب مؤشر كتلة الجسم (BMI).
  • بعض فحوصات السموم والمخدرات.
  • أشعة مقطعية على المخ وأشعة رنين مغناطيسي على المخ (CT&MRI).
  • قياس نسبة الدهون في الدم وقياس مستوى فيتامين دال.

اختبار اضطراب ثنائي القطب والذي يساهم في التشخيص

ليس ثمة اختبار أوحد وإنما اختبارات متعددة تساهم في التشخيص من ذلك:

  • مقياس يونج لتقدير شدة أعراض الهوس (Young Mania Rating Scale (YMRS)): وهو استبيان مكون من 11 عنصرا يُجرى عن طريق مقابلة طبية مع طبيب مختص، وفيه يتم تقييم كل عنصر بدرجة من 0 إلى 4 وبعض العناصر تقييم من 0 إلى 8. صُمم المقياس بشكل أساسي لتقييم شدة الهوس وليس للتشخيص المبدئي.
  • اختبارات الرعاية الأولية لتقييم الاضطرابات العقلية (primary care evaluation of mental disorders (PRIME-MD)): هي أداة لتحديد وجود اضطراب عقلي من عدمه ومنها بايبولار. إيجابية الاختبار تقترح إجراء تقييم أشمل لاحتمالية وجود أمراض نفسية أخرى.
  • استبيان اضطرابات المزاج (Mood Disorder Questionnaire (MDQ)): وهو استبيان مساعد يتكون من 13 عنصرا؛ لتقييم أعراض الهوس والهوس المخفف/ الخفيف.
  • المقابلة التشخيصية الدولية المركبة (CIDI): وهي مقابلة تم تصميمها من قبل منظمة الصحة العالمية (WHO)، وتحوي قسما مخصصا لتقييم الاضطرابات العقلية و تُجرى بواسطة المختصين.
  • مؤشر ثنائية القطب (Bipolarity Index): وهو نظام حديث أُنشئ لتقييم استعدادية وقابلية الشخص للإصابة باضطراب ثنائي القطب، آخذًا بعين الاعتبار خمسة أبعاد رئيسية وهي: خصائص نوبات الهوس أو الهوس الخفيف، والعمر عند بدء ظهور الأعراض (age of onset)، ومسار المرض، ومدى الاستجابة للعلاج، وتاريخ الاضطراب في الأسرة. كل بُعد رئيسي من الأبعاد السابقة يُقيم بدرجة من 20 درجة بمجموع 100 درجة للأبعاد الخمسة وحصول المصاب على 60 درجة أو أكثر ينبئ باحتمالية وجود ثنائي القطب.

علاج ثنائي القطب

الهدف من العلاج هو: السيطرة على التقلبات المزاجية الحادة وغير المتوقعة، ومساعدة المصاب على التعامل مع تأثيرات الاضطراب المختلفة وعيش حياة طبيعية.

وضع الخطة العلاجية المناسبة والبدء في أسرع وقت ممكن من الأمور الهامة للسيطرة على الأعراض سريعا، وتحسين حياة المصاب، والتقليل من احتمالية عودة النوبات، حيث تخبرنا الإحصائيات أن نوبة الهوس التي لم تعالج قد تستمر من ثلاثة إلى ستة أشهر، لكن مع العلاج المناسب قد تقل المدة لأيام أو أسابيع على الأكثر. كذلك قد تستمر نوبة الاكتئاب مدة قد تصل إلى سنة كاملة، وتختذل المدة مع الأدوية إلى شهرين وربما ثلاثة.

قد يكون الحجز في المستشفى ضرورة لا غنى عنها في بداية العلاج وخصوصا مع الأعراض عالية الشدة، مثل: محاولة الانتحار، وإيذاء النفس والغير، والقيام بأعمال تشوه السمعة وتضر بالعلاقات الشخصية، ومع الأعراض الذهانية والاكتئابية عالية الشدة، ومع الجامود أو الجمود وهو وضع عدم الاستجابة (Catatonia)، مع فتح الاحتمال لاستخدام جرعات عنيفة من الأدوية في المرحلة الأولى؛ للسيطرة على الأعراض الحادة.

وعند وضع الخطة العلاجية يؤخذ بعين الاعتبار وجود أمراض مزمنة، مثل أمراض الكبد والكلى والقلب وأمراض الغدة الدرقية وفيروس نقص المناعة المكتسبة (HIV)، أو استخدام أدوية بشكل منتظم، مثل المسكنات ومدرات البول والكورتيزن، مع إجراء الفحوصات اللازمة وقد ذكرنها في فقرة سابقة…

العلاج الدوائي

تُقسم الخطة العلاجية لمريض ثنائي القطب إلى قسمين رئيسيين: أولا: علاج النوبات الحادة (Acute Management)، وثانيا: علاج الدعم والتثبيت (Maintaining Treatment). ولنبدأ بعلاج النوبات الحادة والتي قد تكون نوبة هوس أو اكتئاب أو نوبة مختلطة..

علاج نوبة الهوس الحادة في ثنائي القطب:

غالبا يكون الحجز بالمستشفى ضروريا، خصوصا مع الأعراض عالية الشدة، أو عند رفض المريض للعلاج بسبب غياب الاستبصار واعتلال الحكم على الأمور.

  • مضادات الذهان (Antipsychotics)، مثل: هالوبيريدول (Haloperidol)، أربيبرازول (Aripiprazole)، أولانزابين (Olanzapine)، كويتيابين (Quetiapine)، ريسبريدون (Risperidone). وتمتاز هذه الفئة بسرعة فعاليتها في السيطرة على نوبات الهوس.
  • مثبتات المزاج (Mood Stabilizers):

مثل: الليثيوم (Lithium): يستخدم كأول خيار للسيطرة على نوبات الهوس الحادة مع معدل استجابة يصل إلى 80%، وتكمن مشكلة الليثيوم في تأخر فعاليته لمدة قد تصل لأسبوعين، ولذا فإنه يُعطى مع مضادات الذهان أو مضادات التشنج مثل البنزوديازيبين (BDZ)؛ لتغطية الأعراض الخطرة والحصول على نتائج سريعة.

ويُمكن إعطاء الكاربامازيبين ((CBZ)Carbamazepine) والفالبروات (Valproate (VPA)): وهما مضادات للتشنج/ والاختلاج (Anticonvulsants) بالأساس، ويستعملا في نوبات الهوس كمثبتات للمزاج.

يُظهرالكاربامازيبين نتائج جيدة في حال وجود بعض عوامل الخطر مثل تعاطي المخدرات أو الكحوليات، او الوزن الزائد، كما أنه مناسب للنساء في فترة الخصوبة (Child bearing period)، ومن آثاره الجانبية نقص كريات الدم في بعض الحالات النادرة.

ويمتاز الفالبروات بفاعليته السريعة وقلة تفاعلاته الدوائية مما يتيح استخدامه كجزء من خليط دوائي، لكن مشاكل الكبد والبنكرياس (وخصوصا في الأطفال) من آثاره الجانبية المحتملة، بالإضافة لكونه غير مناسب للسيدات في فترات الخصوبة.

  • الخليط الدوائي: يمكن استخدام كلا النوعين السابقين معا في حال الأعراض الشديدة و/ أو الاستجابة الضعيفة.
  • مجموعة البنزوديازيبين (BDZ): تعطى لفترة قصيرة، وتساهم في تهدئة الأعراض بشكل كبير كما تساعد على النوم، وأيضا تقلل من الحاجة لاستخدام جرعات عالية من مضادات الذهان.
  • في حالة الهياج (Agitation): يمكن استخدام هالوبيريدول عن طريق الحقن العضلي، أو لورازيبام (Lorazepam) عن طريق الفم.

علاج نوبة الاكتئاب في ثنائي القطب:

في حال الأعراض الخفيفة يمكن ملاحطة المريض بدون وصف علاج مدة أسبوع إلى أسبوعين، أما إذا كانت الأعراض متوسطة أو شديدة فيضاف بعض الدواء.

  • مضادات الاكتئاب: استخدام مضاد الاكتئاب الكلاسيكية مع نوبات الاكتئاب في مرضى اضطراب ثنائي القطب عليه خلاف، وفي حال استخدامها يجب أن توصف مع مثبتات المزاج؛ حتى لا تحفز دخول المصاب في نوبة هوس. ويتم البدء بمجموعة مثبطات استعادة السيروتونين الانتقائية (SSRI): مثل، السيتالوبرام (Citalopram).
  • مثبتات المزاج:
    يمكن استخدام الليثيوم كمثبت مزاج في نوبة اكتئاب ثنائي القطب، ولكن الأنواع الأخرى مثل: الكاربامازيبين والفالبروات لم تُثْبِتْ فعاليتها في نوبة الاكتئاب.
    ويستخدم الليثيوم مذ ما يقرب من 50 عاما بالرغم من عدم فهم آلية عمله بشكل دقيق، حيث تشير الأبحاث إلى تأثيره على بوابات الصوديوم والبوتاسيوم بالخلية العصبية وكذلك تأثيره على الكثير من النواقل العصبية، مثل الأسيتيل كولين، والنورأدرينالين والسيروتونين. وقد ثبتت فعالية الليثيوم في خفض قابلية الانتحار بنسبة كبيرة في مرضى ثنائي القطب.
    قد يسبب الليثيوم بعض الأعراض الجانبية، مثل العطش الشديد، والتبول المتكرر، وزيادة الوزن، وزيادة تأثير مرض الصدفية، وعلى المدى البعيد يمكن أن يؤثر على وظائف الكلى والغدة الدرقية. ويُعطى الليثيوم بحذر بعد حساب مستواه بالدم بصورة دورية، وتؤخذ بعض الاحتياطات لمنع حدوث تسمم جراء الليثيوم، ومن ذلك: منع حدوث جفاف للمصاب، وتجنب إعطاء بعض الأدوية التي تتسبب في ارتفاع مستوياته (أي: الليثيوم ) مثل الثيازيد (Thiazide) ومضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAID). وقد يسبب تسمم الليثيوم مشاكل كبيرة بالجهاز العصبي المركزي والطرفي والقلب. وفي حال حدوث تسمم وذلك عندما تزداد نسبة الليثيوم بالدم عن 3 ملي مول/لتر، يوقف الدواء مباشرة ويبدأ بغسيل الدم (Hemodialysis).

    ويمكن استخدام اللاموتريجين (Lamotrigine)، حيث ثبتت فعاليته في علاج نوبات اكتئاب ثنائي القطب وغالبا ما يُعطى كإضافة مع الليثيوم؛ لزيادة فعاليته.
  • مضادات الذهان: يمكن استخدام بعض مضادات الذهان لعلاج اكتئاب ثنائي القطب، مثل: كويتيابين، أو أولانزابين، أو خليط من الأولانزابين مع الفلوكسيتين (Fluoxetine).

علاج النوبات المختلطة:

  • الفالبروات والكاربامازيبين لهما فعالية أكبر من الليثيوم في علاج النوبات المختلطة.

ثانيًا: علاج الدعم وتثبيت الفعالية

يحتاج مريض ثنائي القطب للانتظام على العلاج للحفاظ على المزاج المتزن، ومنع التقلبات الحادة، وتقليل احتمالية تكرار النوبات، وتوجد العديد من الأنظمة الدوائية التي يمكن الانتظام عليها حسب تقييم الطبيب المختص مثل:

  • يمكن استخدام الليثيوم، أو الفالبروات، أو الأولانزابين كعلاج منتظم لمنع الانتكاس.
  • ويمكن استخدام الأربيبرازول في مرضى اضطراب ثنائي القطب في حال المرور بنوبة هوس حديثة أو نوبة مختلطة.
  • ويمكن استخدام الكويتيابين مع الليثيوم أو الفالبروات في ثنائي القطب من النوع الأول.
  • أما في الحالات المتقدمة عالية الشدة فيمكن استخدام الليثيوم والفالبروات معا ولكن بحذر شديد وتحت متابعة.

ينبغي أن ينتظم المريض على العلاج مدة لا تقل عن سنتين وقد تصل إلى خمس سنوات في حال وجود خطر للانتكاس، وقد تصل للعمر بأكمله كون مسار الاضطراب مزمنا.

العلاج النفسي لاضطراب ثنائي القطب

الدمج بين العلاج الدوائي والعلاج النفسي أكثر فعالية في معالجة أعراض اضطراب ثنائي القطب كما يساعد في استمرار السيطرة على الأعراض والتخفيف من حدتها وتقليل فرص الانتكاس. ويستهدف العلاج النفسي استخدام أساليب علاجية للتعرف على مشاكل العاطفة والأفكار والسلوك ومعالجتها، وكذلك تقديم الدعم والتعليم والمشورة للمريض وللمحيطين به. ويشمل العلاج النفسي عدة أدوات أو مدارس منها:

  • العلاج المعرفي (Cognitive therapy): يرتكز على فهم ومناقشة الأفكار والمشاعر الضاغطة، واستخدام أساليب تحدي الضلالات، مثل ضلالات العظمة، والوصول مع المريض لعدم منطقيتها.
  • العلاج السلوكي (Behavioral therapy)، مثل: تنظيم الأنشطة اليومية؛ لمنع حدوث تغيرات أو أحداث مفاجئة أو تقلبات مزاجية، والتدريب على ممارسة مهارات التأقلم.
  • التثقيف بالمرض (Psycho education): يهدف لتعليم المريض أسباب المرض، وأعراضه، وهدف العلاج، والأعراض المنذرة بالانتكاس.
  • علاج الإيقاع الشخصي والاجتماعي المتناسق (IPSRT): هو أحد أنواع العلاجات النفسية، ويعتمد على تنظيم بعض العادات اليومية مثل: الأكل، والنوم، والتريض، والتفاعل الاجتماعي المتناغم مع المحيطين. موازنة تلك النشاطات اليومية الروتينية يمكن أن يساهم في تقليل التقلبات المزاجية.
  • العلاج الأسري: وهو علاج يهدف إلى التثقيف عن ثنائي القطب ومناقشة آثاره على الأسرة وكيفي يمكن تقديم الدعم.
  • محاكة الانتكاس (Relapse Drill): يهدف إلى تعليم المريض الأعراض الوارد حدوثها، ووضع خطة للتعامل معها، وطلب المساعدة حال حدوثها.

العلاج بالصدمات الكهربائية (Electroconvulsive therapy (ECT))

  • وهو استثارة الدماغ بنبضات كهربائية بسيطة تساعد على تخفيف أعراض ثنائي القطب، ويستخدم في حال فشل العلاج الدوائي والنفسي، كما أنه الخيار الأول في حال وجود أعراض خطيرة مهددة للحياة في نوبات الهوس أو الاكتئاب مثل: محاولة الانتحار، أو أعراض الذهان، أو الجامود/ عدم الاستجابة (Catatonia).

العلاج المغناطيسي أو التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة (Magnetic Therapy)

  • هو استثارة الدماغ بنبضات مغناطيسية، ولا يحتاج إلى تخدير مسبق فهو غير مؤلم. العلاج بالتحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة لمرضى ثنائي القطب غير مصرح به من هيئة الدواء والغذاء الأمريكية (FDA).

العلاج بالضوء (Light Therapy)

  • ثبتت فعاليته في علاج اضطرابات المزاج الموسمية.

العلاج بالوخز بالإبر (Acupuncture)

  • وهي طريقة علاجية قديمة في الطب الصيني التقليدي أو المكمل، تقوم فكرتها على استهداف بعض مناطق الجلد الغنية بالتمثيل العصبي بالإبر وذلك لتحفيز الأنسجة والغدد. وتفسر الأبحاث بأن الإحساس الخفيف بالألم أو عدم الراحة الناتج عن الإبر يحفز الجهاز المناعي، والدورة الدموية، كما يحفز التئام الجروح، وكذلك يعمل على إعادة برمجة الإحساس بالألم وهو ما يعطي بعض النتائج الجيدة في كثير من الأمراض الجسدية والنفسية.

تعديل أسلوب العيش

  • مثل: الاسترخاء والبعد عن الإجهاد والتوتر، وممارسة الرياضة بانتظام، وممارسة الهوايات، وإعادة إنشاء علاقات اجتماعية صحية، والقيام ببعض الأنشطة التطوعية.

التشخيصات التفريقية/ المشابهة:

  • الاكتئاب أحادي القطب واكتئاب ثنائي القطب:

يشخص نحو ثلثي مرضى اكتئاب ثنائي القطب خطأً على أنهم اكتئاب أحادي القطب، لذا من المهم فهم العلامات والمؤشرات التي تُبرز احتمالية كون أعراض نوبة الاكتئاب جزء من اكتئاب ثنائي القطب، وقد سبق شرح ذلك في فقرة التشخيص.

  • اضطراب الشخصية الحدية و ثنائي القطب:

ما الفرق بين اضطراب الشخصية الحدية و ثنائي القطب؟

من الشائع جدا الخلط بين التشخيصين، فنصف مرضى اضطراب الشخصية الحدية يتم تشخيصهم خطأ في مرحلة ما من حياتهم باضطراب ثنائي القطب. على المستوى السطحي يتشابه الاضطرابان في العديد من المظاهر الإكلينيكية، مثل: التأرجحات الحادة بالمشاعر، والعاطفة، والمزاج، والميل للسلوكيات التوترية المندفعة، والمهملة، وتعتبر تلك المظاهر نتيجة للغضب المزمن والسلوك العدائي لدى الشخصية الحدية.

ويتجلى الاختلاف بين التشخيصين في المدة الزمنية للأعراض والعلامات، حيث تستمر التقلبات العاطفية والمزاجية لمرضى الشخصية الحدية لثوان أو دقائق، بينما تستمر في مرض بايبولار لأيام أو أسابيع. كما أن الأعراض مزمنة في اضطراب الشخصية الحدية، بينما تأتي في صورة نوبات في ثنائي القطب. ومن الجدير بالذكر عدم الاعتماد على نتائج الأدوية في التفريق بين التشخيصين، حيث يُظهر كلا الاضطرابين عدم استجابة لمضادات الاكتئاب، بينما تتحسن الأعراض في كليهما مع مثبتات المزاج ومضادات الذهان.

  • بعض اضطرابات الشخصية وبعض أعراض ثنائي القطب:

تتشابه بعض اضطرابات الشخصية مع بعض أعراض ثنائي القطب مثل:

اضطراب الشخصية النرجسية (narcissistic) مع أعراض ضلالات العظمة (Grandiosity).

اضطراب الشخصية الهستيرية (Hysterical) مع أعراض التقلبات العاطفية والمزاجية وحساسية المشاعر.

اضطراب الشخصية اللاجتماعية (Antisocial) مع أعراض التوتر والعدائية.

ويُفرق بينهم في أن أعراض اضطرابات الشخصية ثابتة ومزمنة لكن أعراض ثنائي القطب تأتي في صورة نوبات.

  • تعاطي أو انسحاب بعض المواد:

تعاطي بعض المواد مثل الأمفيتامين والكوكايين يمكن أن يسبب أعراض مشابهة للهوس، كما أن انسحاب بعض المواد من الجسم مثل الكحوليات، والبنزودايازيبن، وبعض مضادات الاكتئاب يسبب أعراض مشابهة أيضا.

كما أن السلوك المتهور والاندفاعي لمرضى ثنائي القطب يدفعهم بسهولة تجاه تعاطي المواد المخدرة (نحو 70% من المصابين باضطراب ثنائي القطب لجأو لتعاطي المخدرات في مرحلة ما من حياتهم)، بالإضافة إلى أن تعاطي المخدرات يساهم في جعل أعراض الاضطراب أسوأ مما يخلق حلقة مفرغة.

  • اضطرابات القلق وثنائي القطب:

تتشابه اضطرابات القلق مع ثنائي القطب في السلوك التوتري، وتسارع الأفكار، وصعوبة التركيز، ولكن احتمال حدوث اضطرابات القلق مع ثنائي القطب أكثر ورودًا من الخلط بينهما في التشخيص.

يتشابه اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط مع ثنائي القطب في أعراض نقص الانتباه وتسارع الأفكار والتشتت، لكن يتمايز اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط في أنه يبدأ غالبا في مرحلة الطفولة.

  • اضطرابات الفصام والفصام العاطفي (schizophrenia & schizoaffective):

هناك ارتباط بين اضطراب ثنائي القطب والفصام، حيث يحتمل وجود أعراض ذهانية في اضطراب ثنائي القطب كما في الفصام.

ماَل المريض

مقارنة بالاضطرابات المزاجية الأخرى تتكرر نوبات ثنائي القطب بنسبة كبيرة، حيث تشير بعض الأبحاث إلى أن مجرد مرور المصاب ولو بنوبة واحدة من الهوس، يعني أن خطر تكرار تلك النوبة يصل إلى 90% (من 40 إلى 50% تتكرر معهم خلال سنتين من النوبة الأولى). الاحتمالية العالية لتكرار النوبات من الأمور الواجب مناقشتها مع الأهل والمصاب؛ لبيان مدى أهمية الانتظام على العلاج والمتابعة مع الطبيب المختص.

وفي حال الانتظام على العلاج فإن 7% من المرضى لا تعود لهم الأعراض، و45% تظهر عليهم بعض الأعراض الخفيفة، و40% تتكرر معهم النوبات بشكل مزمن.

تتسارع وتيرة النوبات (مع ثبات مدتها غالبا) مع مرور الوقت، فيما يعرف بمبدأ تسهيل الاحتراق (Kindling)، وتشير الأبحاث أن السبب هو التدمير المستمر للخلايا العصبية.

من الماَل الجيد: عدم وجود الأفكار الانتحارية أو الأعراض الذهانية، وأن تكون نوبات الهوس قصيرة، وعدم وجود مشاكل جسدية أخرى، والانتظام على العلاج.

من المال السيء: وجود مشاكل وظيفية، أو تعاطي الكحوليات والمواد المخدرة، أو وجود الأعراض الذهانية أو الاكتئاب الشديد، أو عدم الانتظام على العلاج، ويكون المال أسوأ في الذكور.

الأسئلة الشائعة عن اضطراب ثنائي القطب:

هل مرض ثنائي القطب خطير؟

نعم، يعتبر مرض ثنائي القطب مرضا خطيرا إذا لم يتم علاجه بشكل صحيح ومنتظم، حيث تزداد احتمالية الإقدام على الانتحار عند المصابين أكثر من غيرهم بستين مرة، كما أن غياب الاستبصار ، ووجود الأعراض الذهانية والسلوك الاندفاعي والعدائي للمصابين يمكن أن يسبب الأذى للمصاب أو للمحيطين. وتؤثر أعراض نوبات الاكتئاب أيضا بشكل كبير على جودة حياة المصاب وحياته الوظيفية وعلاقاته الاجتماعية والأسرية، لكن الالتزام بالخطة العلاجية والمتابعة مع الطبيب المختص بصورة دورية ومنتظمة يساهمان في خفض شدة أعراض وخطورة المرض بوجه كبير.

ماهي مدة علاج مرض ثنائي القطب؟

يجب أن ينتظم المصاب على العلاج مدة سنتين على الأقل، وقد تزيد المدة لخمس سنوات في حال وجود عوامل خطر الانتكاس، مع الأخذ بعين الاعتبار، الحاجة للانتظام على نوع أو أكثر من الأدوية مدى الحياة، مع المتابعة مع الطبيب.

كم تبلغ نسبة الشفاء من مرض ثنائي القطب؟

مع الانتظام على العلاج فإن 7% من المرضى يظهرون تحسنا تاما فلا تعود لهم الأعراض مرة أخرى، بينما 45% يختبرون بعض الأعراض الخفيفة، و40% تتكرر النوبات عندهم بشكل مزمن ويحتاجون للعلاج بشكل مستمر.

كيفية التعامل مع مريض اضطراب ثنائي القطب؟

رحلة علاج اضطراب ثنائي القطب رحلة طويلة وشاقة، حيث أنه من الأمراض المعقدة، ولذا يحتاج المصاب للمساعدة والدعم لتخطي مراحل المرض الصعبة، ومن المفيد التثقيف بشأن الاضطراب ومعرفة الأعراض وعلامات الخطر مثل: الاقدام على الانتحار، أو ظهور أعراض الهوس، أو الذهان؛ للتعجيل بالتواصل مع الطبيب المختص وسرعة تقديم التدخل المطلوب، ومن المفيد أيضًا التشجيع على الانتظام على العلاج، والقيام بالأنشطة الرياضية المنتظمة، والتفاعل الاجتماعي المعتدل لإقامة علاقات صحية، والاندماج بالبيئة المحيطة.

اضطراب ثنائي القطب والزواج

لا توجد إجابة بسيطة عن مدى كفاءة المصاب للزواج، حيث أن اضطراب ثنائي القطب اضطراب معقد يؤثر بشكل كبير على حياة المصاب وعلى من حوله وخصوصا في أوقات ذروة النوبات المختلفة، ففي نوبة الهوس يفقد المريض استبصاره وحكمه الصحيح على الأمور، ويتصف سلوكه بالاندفاعية والمخاطرة، وبالتالي قد يسبب الخطر لنفسه ولمن حوله، وقد يمر مريض ثنائي القطب بنوبات مطولة من الاكتئاب تفقده اهتمامه بنفسه وإقباله على الحياة، وبالتالي تتأثر جميع جوانب حياته الأكاديمية والمهنية والاجتماعية. ومما سبق فإن ثنائي القطب يؤثر بشكل كبير على العلاقة بين الزوجين، ويؤثر على الحياة الجنسية، ومعدل الخصوبة، وكذا الاهتمام بالأطفال. ومن سبل تخفيف النتائج السلبية وجود دعم جيد للمصاب والالتزام بالخطة العلاجية، وباختلاف ظروف كل مصاب، ووجود دعم الطرف الأخر أو عدمه، ووجود دائرة دعم ومساعدة من الأهل والمحيطين، يختلف الجواب عن هذا السؤال. ويمكنك مناقشة هذا السؤال مع طبيبك المختص لإعطائك إجابة تناسبك أنت.
وإذا قمنا بتحوير السؤال قليلا إلى: هل يؤثر الزواج على حياة مريض ثنائي القطب؟
نعم التأثير متبادل، فيؤثر الزواج على مسار المرض ومآل المريض بالإيجاب أو السلب. وأيضًا يؤثر ثنائي القطب على الزواج الموجود بالفعل وبشكل ما يمكن الحفاظ على الحياة الزوجية لكن الأمر يحتاج إلى بذل جهد كبير من جميع الأطراف.


قد تود الاطلاع على…

كتب هذا المقال د. عمرو جمال بعد الرجوع لعدة مصادر أهمها:

وتمت المراجعة بواسطة الفريق الطبي المُراجع لموقع بيمارستان أر إكس.