الباركنسون (الشلل الرعاش) Parkinson’s Disease

الباركنسون
Advertisements

نظرة عامة

أول من وصف الباركنسون هو السير باركنسون سنة 1883 م بنشر بحث في (New England Journal of Medicine) عن الشلل الرعاش (Shaking palsy) ثم أُطلق عليه مرض باركنسون تخليدا لذكراه.

يبلغ متوسط عمر الإصابة بالباركنسون إلى 65 سنة، وفي السنوات الأخيرة ارتفع معدل الإصابات به من 2.5 مليون إصابة عام 1990 م إلى 6.1 مليون إصابة عام 2016 م.

ما هو الباركنسون؟

الباركنسون هو مرض عصبي مزمن يتميز باعتلال في الجزء الحركي من الجهاز العصبي، يظهرعلى هيئة: رُعاش أثناء السكون (Resting tremors)، تيبُس (تصلب) العضلات (Rigidity)، وخلل في الحركة (Dyskinesia).

ما سبب الإصابة بمرض باركنسون (Etiology)؟

السبب غير معروف (Idiopathic) حتى الآن.

عوامل الإصابة بمرض باركنسون

  • زيادة عمر المريض: ويُعد أهم العوامل، حيث يرتفع معدل الإصابة من مريض واحد من كل 100 ألف شخص ممن هم دون 30 سنة إلى 305 مريض من كل  100 ألف شخص ممن هم فوق الثمانين عاما
  • تاريخ مرضي داخل العائلة: ترتفع نسبة الإصابة بمرض الباركنسون داخل الأسرة إذا كان أحد أفرادها مصابا
  • تحور في جين مسئول عن انتاج إنزيم الجلوكوسيربروسيداز (Glucocerebrosidase)
  • التعرض لسُم عصبي (neurotoxin) ويُعرف اختصارا (MPTP)،  ففي أوائل عام 1980 م ظهرت قدرة هذا السُم على إظهار أعراض الباركنسون بطريقة حادة وسريعة (Acute onset parkinsonism)
  • بعض  العوامل الأخرى:
  • التعرض للمعادن الثقيلة كالرصاص والحديد
  •  الجنس فالذكور أكثر إصابة من النساء
  • بعض التحاوير الجينية الأخرى
  • التعرض لإصابات متكررة في الرأس كبعض الألعاب القتالية مثل الملاكمة

بعض العوامل المرتبطة بتقليل نسبة الإصابة بالباركنسون

  • التدخين
  • الكافيين

الفيزيولوجيا المرضية: آلية حدوث الباركنسون داخل دماغ المريض

الألية الفعلية غير معروفة على وجه الدقة، لكن مخ مريض باركنسون يتميز بشيئين:

  • فقدان الخلايا العصبية في أحد أجزاء العقد القاعدية (Basal ganglia) وتسمى بالمادة السوداء (Substantia nigra pars compacta) حيث تحتوي هذه الخلايا العصبية على الدوبامين (DOPAMINE)، وهي بما تحوي من الدوبامين المسؤولة عن الحركات الإرادية والقدرة على الحفاظ على تموضع الجسم، ومع فقد 70 – 80% من هذه الخلايا تبدأ ظهورأعراض الشلل الرعاش
  • وجود جُسيمات لوي (Lewy bodies) وهي بروتين يسمى ألفا-ساينوكلين (Alfasynuclein)

كيف يتم تشخيص مريض الباركنسون؟

التشخيص إكلينيكي (Clinical diagnosis): أي يعتمد على الأعراض التي يعانيها المريض والعلامات التي يُلاحظها الطبيب عن طريق الفحص وليس تشخيص عن طريق الفحوصات المخبرية (المعملية).

المعايير (الأعراض) التشخصية للباركنسون

  • التباطؤ في عملية الحركة ككل (Bradykinesia): أي بُطء في بدء الحركة، وفي تنفيذ الحركة، وانحسار مستمر في القدرة على تكرار الحركات حتى يصل المريض لمرحلة المِشْية المتخشبة (المُتجمدة) (Freezing gait)
  • رُعاش الراحة (resting tremors): هو رُعاش يظهرأثناء السكون ويختفي أثناء الحركة، ويُسمى في اليد برُعاش المسبحة أو لف الأقراص (Pillrolling tremors)
  • التيبس (التصلب) (Rigidity): يظهر من خلال فحص العضلات حول مفصل المريض ويظهر كصعوبة في تحريك المفصل ثنيا وبسطًا
  • اختلال التموضع (Postural instability): أي العجز عن موازنة الجسم أو اتخاذ وضعية محددة بل قد يصل الأمر للسقوط المتكرر في مراحل المرض المتطورة

أعراض تدعم تشخيص الباركنسون

  • بدء المرض في الظهور في جانب واحد من الجسم
  • تفاقُم المرض تدريجا
  • انعدام التماثل الدائم ومعناه أن الأعراض لا توجد بدرجة واحدة على جانبي الجسد بل تتفاوت والجانب التي تبدأ بالظهور فيه هو الأشد إصابة وتضرارا
  • استجابة المريض بصورة جيدة لعقار ليفودوبا (LEVODOPA)
  • حُدوث حركات اهتزازية لا إرادية (رقص، تَلوي) (Severe L-DOPA induced chorea) عند الإفراط في استعمال دواء ليفودوبا (LEVODOPA)
  • استمرار المرض لأكثر من 10 سنوات
بعض الأعراض الأخرى ومضاعفات الباركنسون
  • الوجه المُتجهم (masked face): حيث يبدو وجه المريض بلا انطباعات وكأنه يرتدي قناع
  • انخفاض في مستوى الصوت
  • صغر حجم الحروف والكلمات أثناء الكتابة
  • الأرق ومشاكل النوم
  • ضعف حاسة الشم
  • انخفاض ضغط الدم الانتصابي
  • مِشية متثاقلة أو متقطعة (Shuffling gait)
  • الإرهاق العام
  • صعوبة في البلع
  • الإمساك المزمن
  • القلق والاكتئاب
  • الذُهان ويَحدُث في 10% من المرضى
  • الخرف وهو أحد أعراض المراحل المتأخرة من المرض ويصيب 20% من مرضى الباركنسون ويصاحبه ضعف الذاكرة مع هلوسة بصرية

هل هناك حاجة لإجراء فحوصات معملية لتأكيد تشخيص الباركنسون؟

المعايير الأربعة الأُولى – التي ذكرناها سابقا – كافية للتشخيص ويتم تأكيد التشخيص عن طريق الاستجابة لدواء يحوي مادة الدوبامين الناقصة.

الفحوصات المعملية التي يمكن الاستعانة بها إذا كانت المعايير التشخيصة غير واضحة

أشعة رنينة تُوضح المخ السليم والمخ المصاب بالباركنسون قبل ظهور الأعراض وبعد ظهور الأعراض
أشعة رنينة تُوضح المخ السليم والمخ المصاب بالباركنسون قبل ظهور الأعراض وبعد ظهور الأعراض
  • أشعة رنين مغنطيسية على المخ (MRI brain)
  • أشعة وظيفية للمخ: أي ترى قدرة جزء ما من المخ على أداء وظيفته (Functional neuroimaging, Dopamine transporter imaging)
  • تحليل جيني (Genetic testing)
  • قياس نسبة النحاس في البول كل 24 ساعة لاستبعاد مرض ويلسون (Wilson’s disease)، وأهم الاختلافات أن مرض ويلسون يأتي في فئة عمرية مغايرة، يصاب به الشباب ذوي الأعمار الأقل من 40 عامًا

فحوصات واعدة

  • موجات فوق صوتية على العقد القاعدية (Sonography, basal ganglia)
  • Cardiac sympathetic innervation using iodine 123 (MIBG)

تشخيصات مُتشابهة (Differential diagnosis)

  • الرُعاش مجهول السبب (Essential tremor): ويكون مصاحبا للحركة وقد يصاحب السكون في الحالات الشديدة، لكن يظل رُعاش لف الأقراص (Pill-rolling tremors) صفة مميزة للباركنسون، ويظهر أيضا في الرأس على صورة رُعاش الموافقة أو الإيماءات ويصاحبه رُعاش الصوت “نعم نعم ، لا لا”
  • أدوية الذُهان وأدوية الاضطرابات النفسية الخطيرة لها أعراض جانبية تشبه أعراض الباركنسون مثل:
    • الأدوية التي تستنزف الدوبامين مثل ريزيربين (RESERPINE)، تيترابينازين (TETRABENAZINE)
    • مثبطات الدوبامين مثل كلوربرومازين (CHLORPROMAZINE)، هالوبيريدول (HALOPERIDOL)، فلوبينتكسول (FLUPENTIXOL)، سولبيريد (SULPIRIDE) وخليط من مضادات الإكتئاب والذُهان مثل موتيفال (MOTIVAL)
    • بعض مضادات القيء مثل بروكلوربيرازين (PROCHLORPERAZINE)
    • ميتوكلوبراميد (METOCLOPRAMIDE)

علاج الباركنسون

العلاج المتوفر إلى الآن مُصمم لكي يعوض نقص مادة الدوبامين، مما يعمل على تخفيف حدة الأعراض، لكن لا يحصل به شفاء كامل ويُسمى هذا النوع من العلاج بعلاج الأعراض (Symptomatic treatment).

علاج غير دوائي

  • ممارسة الرياضة بانتظام في الهواء، فالرياضة تعمل على تحسين الأداء الحركي للمريض في أي مرحلة من مراحل المرض
  • العلاج الطبيعي (Physiotherapy)
  • التدرب على تحسين المِشْية (Gait)

العلاج الدوائي

يعتمد علاج الباركنسون على تعويض نقص الدوبامين إما عن طريق مواد كيميائية مشابهة تثير مستقبلات الدوبامين فتزيد من إفرازه أو مواد تمنع تكسيره.

مجموعات الأدوية:

ليفودوبا (LEVODOPA)

يتحول داخل المخ إلى مادة الدوبامين، وهو يعتبر أكفأ دواء حتى الآن لعلاج الباركنسون ويضاف بعض المواد الكيميائية الأخرى لمنع تكسيره قبل دخوله المخ ويتوفر بأسماء تجارية مثل SINEMET- PAR COPA- STALEVO وتجدر الإشارة إلى أن فاعلية الدواء تقل خلال عامين من استخدامه.

تؤخذ هذه الأدوية على معدة فارغة لأن الأكل يقلل من فاعليتها، ولا يتم تناولها مع مضادات الحموضة لأنها تزيد من فاعليتها مما قد يتسبب في ظهور بعض الأعراض الجانبية، وقد تم اعتماد استخدامها عن طريق الاستنشاق مؤخرًا في أوروبا وأمريكا.

مثبطات أوكسيداز أحادي الأمين (MONO AMINE OXIDASE INHIBITORS)

تعمل على منع تكسير مادة الدوبامين، ويتوفر في هذه المجموعة مادتان:

الأولى السيليجلين (SELEGILINE) وتتوفر باسم تجاري  ELDEPRYL- ZELAPAR.

الثانية راساجيلين (RASAGILINE) وتتوفر باسم تجاري AZILECT.

عند تناول مثبطات أوكسيداز أحادي الأمين يجب الحذر من أكل كميات كبيرة تزيد عن 400 ملجم من المواد الغذائية التي تحوي مادة التيرامين (Tyramine) كالجبن الشيدر والسويسري واللحم المقدد؛ لتجنُب الإصابة بتَحسُس الجُبن (Cheese reaction) وهو ارتفاع مفاجيء في ضغط الدم أكبر من 180 / 110 مم زئبق.

وكذلك يُمنع استخدام بعض أنواع المسكنات مثل ميبيريدين (MEPERIDINE) عند تناول مثبطات أوكسيداز أحادي الأمين؛ لخطورة الإصابة بمتلازمة السيريتونين (Serotonin syndrome) وهي ارتفاع في درجة حرارة الجسم 40 درجة سيليزية أو أكثر مع تخشب قد يؤدي إلى قصور كلوي حاد وأحيانا الوفاة.

محفزات الدوبامين (DOPAMINE AGONIST)

براميبكسول (PRAMIPEXOL) يتوفر باسم MIRAPEX.

روبينيرول (ROPINIROLE) يتوفر باسم REQUIP.

روتيجوتين (ROTIGOTINE)، وهو لاصقة توضع على جلد المريض ويتوفر في السوق باسم NEUPRO.

وتعد هذه الأدوية خيار مثالي لمرضى الباركنسون صغار السن، وما يميز هذه الأدوية أنها قد تؤخر الحاجة لاستخدام دواء الليفودوبا (LEVODOPA) عدة سنوات، ولكن يعيبها كثرة أعراضها الجانبية من الغثيان والهلوسة والشعور بالنعاس وانخفاض الضغط الانتصابي (Postural hypotension).

أمانتادين (AMANTADINE)

يتوفر في السوق باسم SYMMETREL وهو دواء مضاد للفيروسات يعمل على تخفيف الأعراض ويُناسب الحالات ذات الأعراض البسيطة كرعاش اليدين.

مضادات الكولين (ANTICHOLINEGIC DRUGS)

تستخدم هذه المجموعة أيضا في الحالات البسيطة مثل رعاش اليدين والتصلب، ولا يفضل استخدامها لكبار السن فوق 60 عامَا نظرا لأعراضها الجانبية كالإصابة باحتباس البول وجفاف الفم والإمساك وضبابية الرؤية.

ومنها مادة بنزتروبين (BENZTROPINE) تتوفرباسم COGENTIN وكذلك مادة ثلاثي هيكسيفينيديل  (TRIHEXYPHENIDYL) تتوفر باسم ARTANE.

العلاج الجراحي للباركنسون

تحفيز الدماغ العميق (Deep brain stimulation): يتم زراعة قطب (مسار) كهربي (Electrode) داخل دماغ المريض ثم يُوصل ببطارية تُوضع تحت الجلد ويعمل على منع الإشارات الخاطئة من منطقة العقد القاعدية (Basal ganglia)، ويعمل على تخفيف حدة الأعراض كالرعاش وتُستخدم مع بعض المرضى عند فشل الأدوية – في بعض المراحل – على تقليل الأعراض.

بعض طرق العلاج الواعدة (Emerging treatment)

  • زراعة الخلايا الجذعية (Stem cell transplantation): لا تزال قيد البحث والتجربة وتهدف إلى إنتاج مادة الدوبامين عن طريق زراعة الخلايا الجذعية
  • العلاج  بالجينات (Gene therapy): وتتم عن طريق تحميل الجين المسؤول عن إنتاج الدوبامين على جينات المصابين، لكن لا توجد معلومات حالية عن مدى الآمان

هل يُمكن منع الإصابة أو الوقاية في العائلات التي تعاني تاريخا مرضيا للشل الرعاش؟

لا توجد أدلة كافية حتى الآن على إمكانية الوقاية من الباركنسون.

مآل مرض الباركنسون المُتوقع (التكهُن بمسار الشلل الرعاش) (Prognosis)

من الجدير بالذكر أن تطور المرض وتفاقم حالة المريض تختلف من مريض لأخر كما تختلف شدة الأعراض من مريض لأخر وكذلك الاستجابة للعلاج.

لا يوجد علاج شافي حتى الآن والدواء الحالي لتخفيف حدة الأعراض وتحسين جودة حياة المريض، وعليه فإن المرض يستمر بالتفاقم حتى يفقد المريض كل مخزون الدوبامين ثم تزداد حدة الأعراض فبعد ظهورها في إحدي جانبيه تنتقل إلى الجانب الآخر.

خريطة زمنية لتفاقم الباركنسون:

  • ما إن يبدأ المريض بأخد علاج مثل ليفودوبامين (LEVODOPAMINE) حتى تختفي الأعراض وذلك خلال أول ثلاث سنوات
  • بعد خمس سنوات من العلاج تظهر المضاعفات الحركية (Motor complications)
  • بعد عدة سنوات تبدأ ظهور أعراض مثل تجمد الجسم (Freezing) والسقوط والنسيان وتقل قدرة المريض على ممارسة نشاطه اليومي
  • تظهر المضاعفات بصورة سريعة إذا بدأ المرض في سن كبير وكان التخشب وقلة الحركة هي الأعراض الأولى البارزة
  • تظهر المضاعفات بصورة سريعة إذا كان المريض يعاني أمراض أخرى مزمنة

إرشادات هامة لمريض الباركنسون

  • يجب أن تتوقف عن ممارسة الأنشطة التي تتطلب الحفاظ على التوازن إذا شعرت بالدوار أثناء الانتقال من وضعية كالاستلقاء مثلا إلى وضعية أخرى كالوقوف
  • يجب أن تتوقف عن قيادة السيارة إذا كنت تعاني من أعراض شديدة
  • ينبغي عليك ممارسة الرياضة بانتظام فالرياضة تعمل على تخفيف حدة الأعراض
  • الالتحاق بمجموعة تعاني من نفس المرض يعمل على تحسين حالتك النفسية
  • راجع طبيبك الخاص كل أربعة شهور على الأقل أو في حال ظهور أعراض جديدة أو آثار جانبية مع استعمال أحد أدوية العلاج

مقاطع مرئية:

قد تود الاطلاع على…

كتب هذا المقال د. أحمد ماهر بعد الرجوع لعدة مصادر أهمها:

وتمت المراجعة بواسطة الفريق الطبي المُراجع لموقع بيمارستان أر إكس.