القهوة بالليمون والتخسيس

القهوة بالليمون والتخسيس
Advertisements

مقدمة

القهوة هي واحدة من أكثر المشروبات استهلاكا في جميع أنحاء العالم والتي تصنع من تخمير حبوب البن المحمصة، في حين يُعد الليمون -وهو فاكهة تنتمي إلى الحمضيات- ثالث أكثر الفواكه الحمضية إنتاجا في العالم بعد البرتقال واليوسفي، وهو مصدر جيد لفيتامين سي ومضادات الأكسدة.

يميل البعض عادة إلى الحلول السريعة للمشاكل، بل قد يرغب البعض في حلول سحرية، وأي مشكلة تشغل حيز التفكير حاليا أكثر من البدانة وزيادة الوزن؟ واستغلالا لرغبة الناس في الحلول السريعة، تم الترويج إلى بعض المشروبات على أنها تحرق الدهون الزائدة في الجسم، كبذور الشيا وخل التفاح والجريب فروت -والتي اتضح عدم فاعليتها جميعا-، وكثر اللغط في مطلع هذا العام حول مشروب القهوة بالليمون والتخسيس، فيروج البعض إلى أن كل ما عليك فعله هو احتساء كوب القهوة بالليمون ومشاهدة الدهون تحترق!.

وبعد الترويج لمشروب القهوة بالليمون من بعض المشاهير في مواقع التواصل، تًولًد سؤالا عند الساعين إلى إنقاص وزنهم، هل هناك رابط بين القهوة بالليمون والتخسيس؟

يمكننا القول بأن منشأ الربط بين القهوة بالليمون والتخسيس هو كون القهوة والليمون لهما فوائد متعددة على الصحة، فولّد ذلك تساؤلا عما إذا كان تناولهما معًا له أي فوائد إضافية، لا سيما ما يتعلق بمشكلتنا القديمة الحديثة وهي السمنة.

بقي أن نشير إلى وجود علاقة قديمة بين القهوة المثلجة المحلّاة والليمون، فنجد ذلك في الجزائر في مشروب يُسمى مزغران (Mazagran) وذلك نسبة لحصن مزغران في مدينة مستغانم الساحلية في الجزائر، وانتقل هذا المشروب بعد ذلك إلى الدول التي احتلّت الجزائر كفرنسا، ويشيع أيضا في البرتغال وأمريكا.

وخلال السطور القادمة، سنحاول -بحول الله- نفض الغبار عن القهوة بالليمون والتخسيس، وذكر ما يصح من هذه العلاقة في حدود ما أثبتته الدراسات والأبحاث المتاحة، والرد على الادّعاءات الشائعة حول القهوة بالليمون وفوائدهما، مع ذكر أضرار مشروب القهوة بالليمون أيضًا إن وجدت.

ما هو مشروب القهوة بالليمون؟

مكونات هذا المشروب تتضح من اسمه وهي القهوة مع الليمون، حيث يتم عصر نصف ليمونة على فنجان قهوة معد مسبقا، أو خلط 1 كوب (240 مل) من القهوة مع عصر ليمونة واحدة.

قد تشعر بعد قراءة السطر السابق أن الطعم لن يكون لطيفًا، قد أوافقك الرأي، وهذا قد يفسر عدم وضع صور هذا المشروب على لافتات الإعلانات الخاصة بالمقاهي، أو حتى قوائم المشروبات الخاصة بهم. وقد تعاف نفسك تناول الأشياء اللاذعة، ولكنك تبحث عن علاج للبدانة الآن وليس الاستمتاع باحتساء القهوة.

أخيرا، لا يُنصح عادة بإضافة الليمون إلى اللاتيه إلا إذا تم إعداده باستخدام الحليب المخثر.

ما هي فوائد القهوة والليمون؟

هناك العديد من الفوائد الصحية المثبتة لكلٍ من القهوة والليمون، ويرتبط معظمها باحتوائهما على مضادات الأكسدة، والتي تحمي الجسم من الأجسام الضارة الناتجة عن تفاعلاته الداخلية. وفيما يلي نظرة عامة على الفوائد التي يمنحها كلا منهما..

فوائد القهوة

فوائد القهوة

تحتوي حبوب البن المحمصة على أكثر من 1000 مركب بيولوجي نشط، لكن الكافيين وحمض الكلوروجينيك (CGA) يبرزان كمركبات ذات قدرة مضادة للأكسدة. وقد ثبت أيضا دورهما في تنشيط المسارات التي تحمي من نمو الخلايا السرطانية، وعليه فإن تناول القهوة يرتبط بتقليل خطر الإصابة بعدة أنواع من السرطان، بما في ذلك الكبد والبروستاتا وبطانة الرحم والثدي والجهاز الهضمي وسرطان القولون والمستقيم.

تلعب القهوة أيضا دورًا في تقليل خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، وأمراض القلب، والكبد، والاكتئاب، بالإضافة إلى خفض خطر الإصابة بمرض الزهايمر ومرض الباركنسون (الشلل الرعاش).

وأخيرا، فإن الكافيين مسؤول عن النشاط الذي تشعر به بعد تناول كوب القهوة، وكذا التأثير الإيجابي على أداء تمارين التحمل (كرفع الأوزان)، والقدرة على زيادة عدد السعرات الحرارية التي تحرقها، مما يؤدي إلى إنقاص الوزن.

فوائد عصير الليمون

فوائد عصير الليمون

يُعد الليمون مصدر كبير لفيتامين سي (Vitamin C) والفلافونويدات (Flavonoids)، وكليهما بمثابة مضادات أكسدة قوية.

هناك ربط لكل من فيتامين C وحمضيات الفلافونويد بانخفاض خطر الإصابة بسرطانات محددة وهي سرطان المريء والمعدة والبنكرياس وسرطان الثدي. أيضا، يساهم كلا المركبين في الوقاية من أمراض القلب، بينما يحمي فيتامين C جهازك المناعي ويساعد في مكافحة العدوى ومنع الإصابة بالأمراض كالإسقربوط.

كما تلاحظ، تقدم القهوة والليمون مجموعة واسعة من الفوائد التي تحمي جسمك من الأمراض. ومع ذلك، فإن خلط الاثنين معًا لا يعني بالضرورة مشروب أكثر قوة، أو أكثر فاعلية في الحماية من الأمراض أو علاج أمراض أخري -ولا يمكننا ادعاء ذلك ما لم يتم إثباته بالتجارب والدراسات-.

ما هي أضرار مشروب القهوة بالليمون؟

كما هو الحال مع فوائده، فإن الجوانب السلبية لشرب القهوة بالليمون ترجع إلى عيوب كل مكون. فعلى سبيل المثال، تشير الأدلة إلى أن المكثرين من شرب القهوة قد يصبحون مدمنين على الكافيين، والذي تعترف به منظمة الصحة العالمية (WHO) كمرض (اضطراب سريري).

تشير المزيد من الدراسات أيضا إلى أن تناول الكافيين بانتظام يرتبط باضطرابات النوم (الأرق والنعاس المفرط في أثناء النهار)، بالإضافة إلى زيادة خطر فقدان الحمل.

أما الليمون، فعلى الرغم من أنه غير شائع بشكل عام، إلا أن بعض الأشخاص قد يعاني من الحساسية تجاه عصير الحمضيات أو بذورها أو قشورها. وقد يسبب عصير الليمون في بعض الأحيان آلام المعدة؛ نظرا لما يحويه من كميات كبيرة من حمض الستريك، خاصة إذا كنت تعاني من الارتجاع الحمضي. ويمكن أن يؤثر هذا الحمض (الستريك) سلبًا أيضا على مينا الأسنان عند استخدامه لفترات طويلة وبكميات كبيرة.

ولكن أكبر خطر لإضافة الليمون إلى القهوة هو احتمالية أن تدمر فنجانا من القهوة كان ليصبح لذيذا لولا تعكيره بالليمون.

خرافات حول مشروب القهوة بالليمون

هناك أربعة ادعاءات شعبية رئيسية حول فوائد شرب القهوة بالليمون، سذكرهم تِباعا، مع ذكر رد العلم على تلك المزاعم…

الادّعاء الأول: يساعد على حرق الدهون

تشيع هذه الفكرة كثيرا حول الليمون، فتجد من يروج لها تارة أخرى في صورة تناول كوب من الليمون الدافئ صباحا لحرق الدهون، ولكن في الحقيقة لا الليمون ولا القهوة يحرقان الدهون. والطريقة الوحيدة للتخلص من الدهون غير المرغوب فيها هي: إما عن طريق استهلاك سعرات حرارية أقل، أو حرق المزيد منها. وبالتالي، فإن هذا الادعاء غير صحيح.

إلا أن الدراسات تشير إلى أن القهوة قد تساعدك على إنقاص بعض الوزن، وهذا هو السبب في أن بعض الأشخاص قد يعانون من انخفاض طفيف في الوزن عند تناول مشروب القهوة بالليمون، ومنه أيضا تسمية العرب للقهوة بهذا الاسم؛ لكونها تقهو النفس عن الطعام.

وجدت الأبحاث الحديثة أن الكافيين قد يحفز الأنسجة الدهنية البنّيّة (BAT)، وهو نوع من الأنسجة الدهنية النشطة استقلابيا ذات معدل الحرق العالي.

وخلصت إحدى الدراسات إلى أن مقدار الكافيين في فنجان قهوة سعته 240 مل يمكن أن يعزز نشاط BAT، مما يتسبب في زيادة معدل الأيض الذي يؤدي إلى خسارة الوزن.

وبالمثل، توضح الدراسات القديمة من ثمانينيات القرن الماضي 1980 م والتسعينيات أيضا 1990 م أن الكافيين قد يرفع من معدل الأيض الخاص بك خلال 3 ساعات بعد تناوله، مما يزيد من السعرات الحرارية المحروقة بنسبة 8 – 11%، مما يعني أنك قد تحرق 79 – 150 سعرا حراريا إضافيا في اليوم.

ومع ذلك، قد يكون التأثير المحتمل لفقدان الوزن بسبب الكافيين الموجود في القهوة، وليس بسبب خليط القهوة بالليمون.

الادّعاء الثاني: يخفف من الصداع

من المهم الإشارة إلى أنه تم تصنيف الصداع والصداع النصفي في جميع أنحاء العالم كمساهمين رئيسيين في الإعاقة لدى أولئك الذين تقل أعمارهم عن 50 عاما. وعليه، فمن الشائع البحث عن علاجات منزلية سريعة لعلاجهم. ومع ذلك، فإن الأبحاث والدراسات منقسمة للغاية عندما يتعلق الأمر باستخدام القهوة لهذا الغرض.

تشير إحدى الفرضيات إلى أن الكافيين الموجود في القهوة له تأثير مُضيّق للأوعية، مما يقلل من تدفق الدم نحو رأسك ويخفف الألم. وتشير الأبحاث أيضا إلى أن الكافيين يمكن أن يعزز من آثار الأدوية المستخدمة لعلاج الصداع والصداع النصفي.

وتعتقد فرضية أخرى أن الكافيين قد يكون بمثابة محفز للصداع بالنسبة للبعض، إلى جانب المشروبات والأطعمة الأخرى، مثل الشوكولاتة والكحول والحمضيات مثل الليمون. لذا، فإن شرب القهوة مع الليمون قد يخفف أو يزيد من تفاقم الصداع.

وإذا كان مشروب القهوة بالليمون يساعد في تقليل ألم الصداع، فسيكون ذلك مرة أخرى بسبب الكافيين الموجود في القهوة، وليس مشروب القهوة بالليمون نفسه.

الادّعاء الثالث: يمنع الإسهال

والحديث هنا عن أكل القهوة المطحونة مع الليمون (بدون ماء) بدلا من شربها. ومع ذلك، لا يوجد حاليا أي دليل يدعم استخدام الليمون لعلاج الإسهال، بيد أن القهوة تحفز القولون، مما يزيد من حاجتك إلى التبرز!.

أضف إلى ذلك تسبب الإسهال في فقدان الكثير من السوائل، مما قد يؤدي إلى الجفاف، وهو ما يجعل من تناول القهوة أمرا قد يفاقم من حالة الجفاف؛ بسبب تأثير القهوة المدر للبول.

الادّعاء الرابع: مفيد للعناية بالبشرة

تشير الأبحاث إلى أن كلا من محتوى القهوة والليمون المضاد للأكسدة قد يوفر فوائد للبشرة، لذلك يبدو أن هناك جزء من الحقيقة وراء هذا الادعاء.

من ناحية، يُعتقد أن احتواء القهوة على حمض الكلوروجينيك (CGA) يحسن من تدفق الدم للجلد ويساهم أيضا في ترطيبه.

وتشير الدراسات أيضًا إلى أن تناول القهوة قد يقلل من تقشير الجلد، ويحسن من نعومته، ويقلل من تدهور حاجز الجلد، لاحتوائها على البوليفينولات (Polyphenols).

وعلى ناحية أخرى، قد يحفز فيتامين C في الليمون إنتاج الكولاجين -وهو بروتين يزود بشرتك بالقوة والمرونة- ويقلل من تلف الجلد الناجم عن مخلفات التفاعلات الداخلية (free radicals) التي تنشأ عند التعرض لأشعة الشمس.

ومع ذلك، لا يزال بإمكانك الاستفادة من هذه الفوائد عن طريق استهلاك القهوة والليمون بشكل منفصل، حيث لا يوجد دليل يشير إلى أن التأثيرات التي ذكرناها لا تحدث إلا عند تناول القهوة بالليمون معًا كخليط.

الخلاصة

هل تناول القهوة بالليمون يعمل على حرق الدهون؟ الإجابة هي: لا.

تُقدم القهوة والليمون العديد من الفوائد الصحية، ويرجع ذلك في الغالب إلى محتوياتهما المضادة للأكسدة.

لا يوجد دليل يدعم الادعاء بأن شرب القهوة مع الليمون يمنع الإسهال أو يحرق الدهون.

أما بالنسبة لبقية الفوائد المعلنة للخليط، فيمكن الحصول عليها عن طريق شرب القهوة وعصير الليمون بصورة منفصلة (أي كلا على حدة) . وبالتالي، ليست هناك حاجة لخلط الاثنين إذا كنت لا تستمتع بطعم هذا الخليط.

لخسارة الدهون، عليك اتباع نظام غذائي صحي متوازن، مع ممارسة القليل من الأنشطة الرياضية لتحسين لياقتك البدنية.


قد تود الاطلاع على…

كتب هذا المقال د. صبحي بعد الرجوع لعدة مصادر أهمها:

وتمت المراجعة بواسطة الفريق الطبي المُراجع لموقع بيمارستان أر إكس.