في هذا المقال نتعرف على متلازمة ما قبل الحيض أو المتلازمة السابقة للحيض، ما هي؟ وما أبرز أعراضها؟ وكيف يتم تشخيصها؟ وما أهم العلاجات والتعليمات التي يمكن اتباعها للسيطرة على تلك الأعراض؟
ما هي متلازمة ما قبل الحيض؟
تتنبأ الكثير من النساء باقتراب موعد نزول دم الحيض، نتيجة للأعراض التي تختبرها في هذه الفترة من كل شهر، أي في الأيام القليلة قبل بدء نزول الدم.
متلازمة الحيض، أو متلازمة ما قبل الحيض، أو متلازمة ما قبل الدورة الشهرية، جميعها مُسميات تشير إلى مزيج من الأعراض متفاوتة الشدة، والتي تصيب نسبة كبيرة جدا من النساء في الفترة السابقة لخروج دم الحيض، وهذه الأعراض قد تكون نفسية، مثل تقلب المزاج، أو جسدية، مثل ألم بالثدي، أو شعور عام بالإرهاق والنُعاس، وهذه الأعراض تؤثر على المرأة المُصابة جسديا، وعاطفيا، وسلوكيا، وتبدأ تلك الأعراض بالتلاشي مع بدء نزول دم الحيض. فما هي هذه الأعراض التي تأتي متلازمة؟
أعراض متلازمة ما قبل الحيض
حددت المنظمة الدولية لاضطرابات ما قبل الحيض (IAPMD) نحو 150 من الأعراض النفسية، والجسدية، والسلوكية، والتي يمكن أن يظهر أيًا منها كجزء من متلازمة ما قبل الحيض، بالطبع لا يعني هذا أن تظهر كل تلك الأعراض مجتمعة في آن واحد، وإنما يظهر بعضها فقط، كما تختلف شدة الأعراض من سيدة لأخرى.
وفيما يلي سنذكر أكثر الأعراض شيوعا…
الأعراض النفسية والسلوكية:
- الشعور بالاكتئاب.
- نوبات الغضب المفاجئ.
- حدة الطبع وسرعة التأثر.
- التقلبات المزاجية.
- الإجهاش بالبكاء بدون سبب يستدعي ذلك.
- القلق العام والحزن.
- ضعف التركيز.
- الانعزال والانسحاب الاجتماعي.
- تشوش الذهن.
- الأرق في كثير من الأحيان.
- النعاس والرغبة بأخذ عدة قيلولات.
- تغير الرغبة الجنسية بالزيادة أو النقص.
الأعراض الجسدية لمتلازمة ما قبل الحيض:
- العطش الدائم وتغير الشهية (زيادة الشهية غالبا).
- ألم بالثدي.
- انتفاخات متكررة، وزيادة الوزن.
- الصداع.
- تورم القدمين واليدين.
- ألم عام منتشر بالجسم.
- الشعور بالإرهاق العام.
- بعض المشاكل الجلدية، مثل زيادة حب الشباب.
- المغص أو الإسهال.
- عدم تحمل معاقرة الكحول.
تتفاوت شدة الأعراض بين سيدة وأخرى من بسيطة إلى مزعجة، وفي غالب النساء المصابات لا تؤثر هذه الأعراض على ممارستهن لحياتهن اليومية بشكل كبير، وعلى النقيض تشتد الأعراض عند بعض السيدات لدرجة تمنعهن عن ممارسة حياتهن اليومية بسبب الآلام الجسدية والنفسية.
وطبقا للإحصائيات، فإن 60 إلى 80% من السيدات يعانين بصورة ما من متلازمة ما قبل الحيض (premenstrual syndrome; PMS)، نحو 5% فقط منهن يتعرضن للصورة الشديدة من المتلازمة وتسمى حينئذ باضطراب ما قبل الطمث الاكتئابي أو الاضطراب المزعج السابق للحيض (Premenstrual dysphoric disorder; PMDD).
فما هو اضطراب ما قبل الطمث الاكتئابي (PMDD)؟
هو شكل من أشكال متلازمة ما قبل الحيض (PMS)، تبرز فيه نفس الأعراض ولكن بصورة أكثر فجاجة، أي بصورة عالية الشدة تمنع السيدة من ممارسة حياتها اليومية المعتادة، وتستلزم التدخل الطبي؛ للسيطرة على حدة الأعراض، وللوقاية من التداعيات السلبية الكبيرة والتي قد تصل للتفكير بالانتحار، في حال إهمال الرعاية الطبية اللازمة.
أسباب متلازمة ما قبل الحيض
لم تصل الأبحاث العلمية بعد إلى سبب مباشر وواضح للإصابة بالمتلازمة، أو حتى إلى الأسباب التي تجعل الأعراض متفاوتة في الشدة بين السيدات.
وتقترح الأبحاث مجموعة من النظريات التفسيرية في محاولة لفهم الأسباب وعوامل الشدة، وإليك أهم النظريات…
التغيرات الدورية في الهرمونات:
يعتقد العديد من الخبراء، أن متلازمة ما قبل الحيض تحدث نتيجة التغيرات التي تحدث في الهرمونات لدى المرأة (هرموني الإستروجين والبروجستيرون بشكل أساسي) في مراحل الدورة الشهرية المختلفة، وخصوصا في المرحلة الأصفرية أو الطور الأصفري (Luteal Phase). ففي تلك المرحلة من الدورة، والتي تلي مرحلة التبويض (Ovulation) تصل تلك الهرمونات إلى ذروتها، ثم تهبط بشكل حاد ومفاجئ، وهذا التغير الحاد الحادث في الهرمونات الأنثوية من الذروة إلى القاع هو ما يساهم في ظهور الأعراض، طبقا لهذه النظرية.

التغيرات الكيميائية في الدماغ:
السيروتونين (Serotonin) والنورإبينفرين (NE) هما نواقل عصبية تساهم في العديد من الوظائف الهامة بالدماغ، مثل تنظيم المزاج والعواطف، والتحكم بالسلوك. وتطرح النظرية الحالية التي نناقشها أن مستويات تلك النواقل العصبية في الدماغ تتأثر بالتغير في مستوي الهرمونات الأنثوية، وبالأخص في مرحلة ما قبل الحيض، وهو ما يساهم في ظهور الأعراض.
ومما يؤخذ على النظريتين السابقتين أن التغيرات في مستويات الهرمونات الأنثوية تحدث في جميع النساء، فكيف تختلف الأعراض من معدومة إلى شديدة جدا؟! ويجاب على هذا بأن رد الفعل الناتج عن التغير الهرموني يختلف باختلاف النساء.
وجود مرض نفسي:
يطرح بعض الخبراء الآتي: إصابة المرأة بمرض نفسي، مثل: الاكتئاب أو القلق، يساهم بشكل كبير في الإصابة بمتلازمة ما قبل الحيض، وقد يفاقم من شدة أعراضها. والعكس بالعكس، فقد تتأثر أعراض بعض الأمراض النفسية وتزداد شدتها في مرحلة ما قبل الحيض، متأثرةً بالتغيرات الهرمونية الحادثة في تلك الفترة من الدورة.
عوامل الخطر للإصابة بمتلازمة ما قبل الدورة الشهرية:
وفيما يلي أهم العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بالمتلازمة:
- التدخين وتعاطي المواد المخدرة.
- نقص النوم كما وكيفا (أي في الجودة وعدد الساعات).
- عدم ممارسة الرياضة بشكل منتظم.
- تناول الأطعمة عالية الدهون والسكريات والأملاح.
- تعاطي المشروبات الكحولية.
- وجود تاريخ مرضي عائلي للإصابة بمتلازمة ما قبل الحيض، أو أمراض نفسية.
كيف يتم تشخيص متلازمة ما قبل الحيض؟
يتم تشخيص متلازمة ما قبل الحيض إكلينيكيًا (سريريا)، أي لا يحتاج الطبيب إلى إجراء اختبارات أو فحوصات معملية لنفي أو إثبات التشخيص، حيث يقوم طبيب أمراض النساء بتتبع نمط الأعراض التي تعاني منها المريضة، عن طريق أخذ التاريخ المرضي، وقد يطلب الطبيب من المريضة تدوين تاريخ حدوث الأعراض، ثم يعيدالتقييم.
ويجب أن تستوفي الأعراض مجموعة الشروط الآتية:
- أن تظهر هذه الأعراض في الأيام الخمس قبل بدء نزول الدورة.
- أن تنتهي الأعراض في غضون أربعة أيام من بدء الدورة.
- أن تؤثر الأعراض على بعض النشاطات الطبيعية للمرأة بشكل من الأشكال.
ويمكن القيام ببعض الفحوصات؛ لاستبعاد التشخيصات المتقاربة، مثل:
- اختبار وظائف الغدة الدرقية؛ لنفي الإصابة بمرض قصور الغدة الدرقية.
- بعض الفحوصات النفسية واختبارات تقييم المزاج؛ لاستبعاد الأمراض النفسية، واضطرابات المزاج، مثل القلق والاكتئاب.
- اختبارات لفحص الحوض؛ لاستبعاد بعض أمراض النسا الأخرى، مثل بطانة الرحم المهاجرة.
- استبعاد متلازمة القولون العصبي (IBS)، ومتلازمة الإعياء المزمن (CFS).
علاج متلازمة ما قبل الدورة الشهرية
متلازمة ما قبل الدورة الشهرية من الحالات المرضية التي لا يمكن علاجها بشكل كامل (شفاء تام)، ومع هذا يمكن التعايش معها والتحكم بها وتقليل حدة أعراضها وذلك باتباع بعض التعليمات وتناول بعض العلاجات الدوائية. كما أن النسبة الأكبر من السيدات المصابة تُصنَف حالتهن من بسيطة إلى متوسطة، وبالتالي تتحسن الأعراض لديهن بشكل كبير مع تعديل أسلوب العيش واتباع بعض التعليمات والتي تتعلق بالأكل، وذلك دون الحاجة للعلاج الدوائي.
ويتم اللجوء للعلاجات الدوائية إذا بدأت الأعراض في التأثير على الحياة اليومية وتعارضت مع جودة العيش.
ما يتعلق بالتغذية/ النظام الغذائي:
- يُنصح بتناول الأطعمة الغنية بالنشويات المركبة، والنشويات المركبة توجد في الأطعمة والمخبوزات المُصَنَعَة من الحبوب الكاملة، مثل: أنواع الخبز الأبيض المختلفة والمعكرونة المصنعة من الحبوب الكاملة، حيث تساهم النشويات المركبة في تحسين المزاج وتقليل الميل إلى الإفراط في تناول الطعام.
- ينصح بإضافة الأطعمة الغنية بالكالسيوم، مثل: الزبادي، والخضراوت الورقية للنظام الغذائي.
- يرجى الابتعاد عن الأطعمة عالية الدهون (الدهنية)، والسكريات، والأملاح.
- ينصح بعدم الإكثار من المشروبات التي تحتوي على الكافيين.
- يجب الامتناع عن التدخين والمشروبات الكحولية.
- قد يساعد تغيير جدول مواعيد الوجبات من تحسين أعراض متلازمة ما قبل الحيض، مثل زيادة عدد الوجبات وتقليل كمية الوجبة الواحدة، وهذه التغييرات تساهم في ثبات مستوى السكر بالدم إلى حد كبير.
- ينصح بشرب الكثير من الماء والسوائل والأعشاب المفيدة، للتقليل من أعراض المغص والانتفاخات.
ما يتعلق بأسلوب العيش/ نمط الحياة، للمصابات بمتلازمة ما قبل الحيض:
- الحصول على قدر كافي من النوم الجيد.
- ممارسة النشاطات الرياضية بشكل منتظم وأنشطة التنفس، والتي تساعد في تخفيف أعراض التوتر والقلق، وتنشيط الدورة الدموية، وتحسين جودة النوم.
- تخصيص جزء من الوقت للتأمل، أو اليوجا، أو التدليك، وهذه الأشياء تساهم في تقليل الضغط النفسي والقلق.
- التفاعل الاجتماعي وممارسة الأنشطة الجماعية.
- تعلم مهارات جديدة للتكيف مع الضغط والتوتر.
- يمكن اللجوء لجلسات العلاج المعرفي السلوكي (CBT)؛ للمساعدة في التعامل مع الضغوطات النفسية، والتقليل من التوتر، والسيطرة على أعراض الاكتئاب.
العلاجات الدوائية:
- مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAID): تستخدم كمسكن للآلام، ويجب استشارة الطبيب المختص، إذا لزم استخدامها بصورة مستمرة ولمدة طويلة؛ لتجنب آثارها الجانبية.
- مُدرات البول (Diuretics): تساعد مدرات البول على التخلص من الماء المختزن بالجسم، ويتم وصفها بواسطة الطبيب المختص، في حال كان اختزان الماء بالجسم من ضمن أعراض متلازمة ما قبل الحيض الظاهرة.
- مضادات الاكتئاب (Antidepressants)، بسبب وجود ارتباط كبير بين متلازمة ما قبل الحيض والاكتئاب، يُمكن أن تحتاج بعض السيدات المصابة بالمتلازمة لاستخدام مضادات الاكتئاب، لتحسين المزاج ولتخفيف أعراض الاكتئاب، وتوجد عدة أنواع لمضات الاكتئاب يمكن استخدامها، مثل: مثبطات استرداد السيريتونين الانتقائية (SSRI).
- أقراص تنظيم الحمل/ حبوب منع الحمل (Birth Control Pills): استعمال أقراص تنظيم الحمل مُصرح به من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA)، لتقليل أعراض متلازمة ما قبل الدورةالشهرية (وبالأخص اضطراب ما قبل الطمث الاكتئابي (PMDD))، وتعمل تلك الأقراص على تثبيط التبويض وتنظيم الهرمونات الأنثوية، وهو ما يؤدي إلى تخفيف الأعراض.
قد تود الاطلاع على…
- التشنج المهبلي VAGINISMUS
- فيتامينات الحمل
- نصائح وإرشادات للحامل
- حساب الحمل (DUE DATE)
- حاسبة فترة الأمان لتجنب حدوث الحمل غير المخطط له
كتب هذا المقال د. عمرو جمال بعد الرجوع لعدة مصادر أهمها:
- American College of Obstetricians and Gynecologists
- Premenstrual Syndrome
- Evaluation and management of premenstrual syndrome and premenstrual dysphoric disorder
- Premenstrual dysphoric disorder
- Healthline
- Selective serotonin reuptake inhibitors for premenstrual syndrome
- PMS
- WebMD
- WebMD
وتمت المراجعة بواسطة الفريق الطبي المُراجع لموقع بيمارستان أر إكس.