مدخل
عندما نتطرق إلى الحديث عن الأنظمة الغذائية الصحيّة المتّزنة، لا بد أن تكون الفاكهة أحد المكونات الأساسية لهذه الأنظمة الغذائية الصحيّة. إلا أن البعض يقلق حيال كمية الكربوهيدرات التي تحويها بعض أنواع الفاكهة، كالموز، وهذا ما ولّد لديهم تساؤلا هامًا نظرًا لحبهم الشديد له -أي للموز- مع حرصهم على البعد عن السمنة، هل الموز يسمن؟ أو هل يتسبب الموز في زيادة الوزن؟
أغلب أنواع الفاكهة تحتوي على نسبة كبيرة جدا من الكربوهيدرات قد تصل إلى 90%، هذا يعني أنها تحتوي على نسبة عالية جدا من السكريات، فالكربوهيدرات تتحول إلى السكريات من خلال عملية الهضم، وما سبق يمكن أن يترجمه البعض إلى زيادة الوزن؛ لكون ارتفاع نسبة السكريات يقابله ارتفاع في السعرات الحرارية.
وما أثار الجدل حول (أكل الموز وعلاقته بزيادة الوزن) هو ارتفاع محتواه من السعرات الحرارية عند مقارنته بغيره من الفواكه، فنجد أن كوبا من شرائح التفاح يحوي سعرات حرارية أقل بمقدار النصف من التي يحويها كوبا من الموز.
وللإجابة على هذا السؤال: هل الموز يسمن؟ نحتاج إلى معرفة الآتي: مكونات الموز، وعدد السعرات الحرارية التي نحصل عليها منه عند تناوله، وهل يختلف أثر الموز على الوزن باختلاف النضوج، وهل الموز يساهم في زيادة الوزن في المطلق أم أن مدار الأمر على حصيلة السعرات الحرارية لمجمل النظام الغذائي؟
وخلال هذا المقال، سنحاول -بحول الله- بسْط القول حول دور الموز في النظام الغذائي المتزن، وبيان ما تذكره الأبحاث المنشورة حول أثر الموز على الوزن، كما سنجيب عن السؤال الذي طرحناه في البداية: هل الموز يسمن؟ أم أن الموز مفيد في إنقاص الوزن؟
حقائق غذائية عن الموز (العناصر الغذائية الموجودة في الموز)
يحتوي الموز على نسبة عالية من العناصر الغذائية، ويوفر العديد من الفوائد الصحية، حيث يحتوي على الكثير من الألياف والكربوهيدرات بالإضافة إلى بعض الفيتامينات والمعادن الأساسية. كما يحتوي الموز أيضًا على عدد من المركبات النباتية المفيدة ومضادات الأكسدة، مثل: الدوبامين والكاتِتشين (Catechin).
وبحسب ما ورد في موقع وزارة الزراعة الأمريكية (USDA)، نجد أن ثمرة موز متوسطة الحجم (17 – 20 سم) توفر لك:
- 9 % من الاحتياج اليومي للبوتاسيوم.
- 25 % من الاحتياج اليومي لفيتامين ب 6.
- 11 % من الاحتياج اليومي لفيتامين سي.
- 8 % من الاحتياج اليومي للمغنيسيوم.
- 10 % من الاحتياج اليومي للنحاس.
- 14 % من الاحتياج اليومي للمنجنيز.
- 3.07 جراما من الألياف.
- 105 سعرة حرارية، 90% منها يأتي من الكربوهيدرات. (معظم الكربوهيدرات في الموز الناضج هي سكريات، مثل: السكروز، والجلوكوز، وسكر الفواكه).
كما تحوي أيضا نصف جرام من الدهون و27 جراما من الكربوهيدرات و14.5 جراما من السكريات وجراما واحدا من البروتين.
وعلى الرغم من كون الموز ليس من الثمار ذائعة الصيت في الأنظمة الغذائية كالبروكلي والتوت الأزرق، إلا أن فوائد تناوله قد تتجاوز كونه وجبة خفيفة من الفاكهة الطبيعية، ففي إحدى الدراسات، أثمر الاستهلاك اليومي للموز عن تحسن طفيف في نسبة السكر ونسبة الدهون في الدم، لمرضى السكري من النوع الثاني.
الموز والأنظمة الغذائية
ثمرة الموز قد تمثل وجبة خفيفة لذيذة، وقد تسدّ رمقك مقارنة بغيرها من الوجبات الخفيفة قليلة القيمة الغذائية. لكن عند مقارنتها بغيرها من الفاكهة الغنية بالألياف والتي تعزز الشعور بالشبع كالتوت الأزرق سنجد أن كوب من التوت الأزرق به 8 جرامات من الألياف يحتوي على 60 سعرا حراريا فقط، وهو نفس عدد السعرات الحرارية في نصف موزة تحتوي على 1.5 جرام من الألياف.
قد يكون تناول موزة واحدة مفيدا، ولكن إذا أضفت ثلاث موزات كبيرة إلى الكمية اليومية المعتادة من الطعام، فستحصل على أكثر من 350 سعرا حراريا إضافيا. وقتها سيبرز تساؤل هل الموز يسمن بقوة؟
إذا كنت تحاول اتباع نظام غذائي صحي، فإن تناول موزة أو نصف موزة متوسطة الحجم والتي تُعدّ حصة كاملة من الفاكهة، يمكن أن يكون طريقة جيدة لتحسين نظامك الغذائي. كما أن استبدال العناصر مرتفعة السعرات الحرارية والدهون، مثل الكوكيز والكيك بالفواكه الطازجة مثل الموز، يؤدي إلى زيادة الشبع مع تفادي تناول كميات كبيرة من السعرات الحرارية.
إذا كنت تتطلع إلى زيادة وزنك، فقد تفكر في تناول وجبة خفيفة إضافية يوميا، يمكنك تناول الموز مع زبدة الفول السوداني كوجبة غنية بالمغذيات تمكنك من تحقيق زيادة صحية في الوزن.
إذا كنت تحب الموز، فلا تحرم نفسك منه؛ كي يساعدك ذلك على الاستمرار. يمكنك حتى التخطيط لاستبدال بعض الوجبات الخفيفة الأقل كثافة بالموز لزيادة حصيلتك اليومية من الفيتامينات والمعادن والألياف وتعزيز الشعور بالشبع.

هل الموز يسمن؟
ليس هناك دليل قاطع حول تورّط الموز في زيادة الوزن، وفي العموم لا يوجد نوع محدد من الطعام مسؤول عن زيادة الوزن. ومدار الأمر -حتى وقت كتابة هذا المقال- على إجمالي السعرات الحرارية اليومية للفرد، فبعد حساب السعرات الحرارية اليومية، ستحتاج إلى خفض كمية هذه السعرات بين 300 – 500 سعرا يوميا حتى ينتهي بك الحال إلى خسارة بعض وزنك، ويمكنك تقليل إجمالي السعرات اليومية (عجز السعرات) بتقليل كمية الطعام أو بزيادة فترات النشاط التي تحرق السعرات الحرارية، مثل: تمارين الكارديو، أو بالاثنين معا.
كثافة السعرات الحرارية للموز منخفضة، حيث يمنحك 100 جم من الموز 88 سعرًا حراريًا تقريباً، ولا تختلف الكثافة باختلاف النضج، ومع أن الثمرة الناضجة حلوة المذاق، إلا أن هذا يرجع إلى تحول النشويات المعقدة في الموز الأخضر (الأقل نضوجا) إلى سكر بسيط في الموز الأصفر (الأكثر نضوجا)، دون تغير في السعرات الحرارية.
هل رقائق الموز تسمن؟
الموز خيار صحي يمكن وضعه في نظام غذائي لإنقاص الوزن ولا إشكال في ذلك، بينما رقائق الموز ليست كذلك، لمَ؟!
رقائق الموز يقصد بها شرائح من الموز تم قليها وغمرها بالسكر أو الملح. تحتوي حصة نصف كوب من رقائق الموز على نحو 210 سعرة حرارية و12.5 جراما من الدهون، بينما شرائح الموز المجففة ليست مقلية، وبالتالي تحتوي على دهون أقل وسعرات حرارية أقل.
الموز الناضج وأثره على زيادة الوزن

يختلف نوع الكربوهيدرات التي يحويها الموز حسب نُضْج الثمرة، فنجد أن الموز الأخضر غير الناضج يحتوي على نسبة عالية من الكربوهيدرات المعقّدة بطيئة الهضم، بينما يحتوي الموز الأصفر الناضج في الغالب على سكريات سريعة الهضم.
النشويات المعقّدة تتكون من سلاسل طويلة من الجلوكوز (النشا)، والتي تعمل كالألياف، وأيضا تقدم الكثير من الفوائد الصحية المحتملة، بما في ذلك خسارة الوزن وانخفاض مستويات السكر في الدم، وهو ما يجيب على تساؤل هل الموز يسمّن بالنفي.
يمكن أيضًا أن تؤدي النشويات بطيئة الهضم إلى إبطاء امتصاص السكر من الأطعمة الأخرى؛ وهو ما يحافظ على استقرار مستويات السكر في الدم ويساعدك على الشعور بالشبع لفترة أطول، كما أنها قد تزيد من معدل حرق الدهون.
أضف إلى ذلك كون المؤشر الجلايسيمي للموز يرتبط بنضج الثمرة، فيزداد المؤشر الجلايسيمي (أي يزداد نسبة امتصاص السكر في الدم) مع زيادة نضوج ثمرة الموزة، ومن المعلوم أن تناول الطعام عالي المؤشر الجلايسيمي يرتبط بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والسكر والسمنة والسكتة الدماغية.
وبشكل عام، يبدو أن الموز يطلق السكريات ببطء عند الهضم. ففي إحدى الدراسات التي أجريت على الأشخاص المصابين بداء السكري من النوع الثاني وارتفاع الكوليسترول، أدى إضافة 250 جرامًا من الموز إلى وجبة إفطار المشاركين لمدة 4 أسابيع إلى انخفاض كبير في مستويات السكر الصائم والكوليسترول في الدم.
خيارات لتناول الموز (طرق تحضير الموز)
الموز مع دقيق الشوفان: أضف شرائح الموز إلى دقيق الشوفان الصباحي، يمكنك أيضا هرس الفاكهة وإضافتها إلى دقيق الشوفان أثناء طهيها.
الموز مع القرفة: يَلَذ للبعض تناول الموز مع القرفة، ما عليك سوى تقطيع موزة إلى شرائح، ورشها بالقرفة، والاستمتاع بها.
الموز مع الزبادي: اخلط الموز المفروم مع الزبادي اليوناني العادي الخالي من الدسم مع بعض القرفة، يمكنك أيضا تقطيع الموز مع الزبادي مع حبوب النخالة الغنية بالألياف وشرائح اللوز.
شرائح الموز المجمّد: يَلْتَذ كثير من الناس بطعم شرائح الموز المجمد، والتي يتم تحضيرها كالتالي: ضع شرائح الموز مع زبادي الفراولة الخالي من السكر، والفول السوداني المفروم. تناول هذه الشرائح المجمدة يستغرق بعض الوقت، ما يرجّح أن تشعر بالشبع بحلول الوقت الذي تنتهي فيه من تناولها.
الخلاصة
يُعد الموز أحد خيارات الطعام الصحي المغذّي الغني بالألياف، منخفض السعرات الحرارية.
تحتوي معظم أنواع الموز على مؤشر جلايسيمي منخفض إلى متوسط، وعادة لا يسبب ارتفاعًا كبيرًا في مستويات السكر في الدم مقارنة بالأطعمة الأخرى عالية المؤشر.
على الرغم من عدم وجود دراسات مباشرة لمعرفة هل الموز يسمن أم لا، إلا أن للموز العديد من الخصائص التي تجعله غذاءًا مناسبا لخسارة الوزن. ففي حال كنت تحاول إنقاص وزنك، فلا حرج على الإطلاق من تناول الموز كجزء من نظام غذائي متوازن غني بالأطعمة الكاملة.
قد تود الاطلاع على…
كتب هذا المقال د. صبحي بعد الرجوع لعدة مصادر أهمها:
- Bananas, raw
- Bananas as an Energy Source during Exercise: A Metabolomics Approach
- Daily consumption of banana marginally improves blood glucose and lipid profile in hypercholesterolemic subjects and increases serum adiponectin in type 2 diabetic patients
- Increasing total fiber intake reduces risk of weight and fat gains in women
- Effects of resistant starch on glycaemic control: a systematic review and meta-analysis
- Resistant starch and protein intake enhances fat oxidation and feelings of fullness in lean and overweight/obese women
- High content of dopamine, a strong antioxidant, in Cavendish banana
- Effect of low-glycemic-sugar-sweetened beverages on glucose metabolism and macronutrient oxidation in healthy men
- Antioxidant potential of banana: Study using simulated gastrointestinal model and conventional extraction
- Antioxidant properties of isolated compounds from banana rhizome
- Glycemic Index Research and GI News
وتمت المراجعة بواسطة الفريق الطبي المُراجع لموقع بيمارستان أر إكس.